أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، أن الأمة الإسلامية تمتلك من مقومات القوة ما يجعلها قادرة على الخروج من التخلف الذي تعيشه، وتجاوز الوضعية الصعبة التي تعرفها، لافتا إلى أن أرض الإسلام هي أرض الحضارات والنبوات. ودعا القرضاوي في محاضرة أخيرة له، إلى ضرورة تأسيس مشروع للوحدة بين الأمة الإسلامية، ومواجهة أشكال التشرذم الذي تعانيه، وحث الشباب على الحرص على معرفة الأولويات في كل مرحلة، من أجل القيام بها، وعدم تقديم غيرها عليها، والابتعاد عن الخلافات والجدل الذي لا طائل من ورائه. وأكد في محاضرة ألقاها بقصر المؤتمرات، ونظمتها جمعية «شبيبة بناء الوطن في موريتانيا» أن الأمة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في أكثر من مجال، إن هي حرصت على استغلال مقدراتها الكبيرة، وعملت على تنمية الحياة في مناحيها. وعدد مقومات القوة التي تمتلكها أمتنا، حيث رأى أن أولى هذه المقومات هي القوة العددية، حيث يصل تعداد الأمة الإسلامية كما هو معلن إلى مليار و 580 مليونا، لكنه شكك في هذا العدد: «إن عدد المسلمين في العالم أكثر من ذلك بكثير»، مستدلا على قوله بحالة المسلمين في الصين، حيث يقدر عددهم اليوم ب 20 مليونا، في حين أن العدد أكثر من ذلك بكثير، فقد تحدث شكيب أرسلان منذ فترة زمنية كبيرة عن خمسين مليونا في الصين وحدها، وسكان العالم تضاعفوا في كل دول العالم، كما أن المستشرق الفرنسي كاناتو نشر في صحيفة «لوموند الفرنسية» موضوعا يحذر فيه من خطورة المسلمين، خصوصا في الصين، وقد رد عليه الشيخ محمد عبده آنذاك: «وهذا يدلنا على أن العدد أكثر بكثير، مما هو معلن». ولفت إلى ما يعنيه ذلك، لأن القرآن الكريم امتن على المسلمين حين ذكر نعمة الكثرة بعد القلة: (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم...) ، كما أن العرب كانت تقول في أشعارها: وإنما العزة للكاثر. وأشار القرضاوي الى أن ثانية المقومات هي القوة الاقتصادية، فالبلاد الإسلامية تمتلك من الخيرات ما لا يتوافر في أي منطقة أخرى، فالبلاد أغلبها زراعي، والشواطئ غنية بأنواع الأسماك من مختلف أنواعها، والأنهار منسابة في كل مكان، والنفط موجود في أغلب دولها، والمعادن بكل أصنافها من ذهب وحديد وفضة ويورانيوم. ونقل عن رئيس وزراء ماليزيا الأسبق قوله: إن رئيس وزراء تايلاند سأله مرة: «هل النفط جنسيته إسلامية؟ لماذا لا يكون إلا في الدول الإسلامية؟ لماذا يكون في ماليزيا ولا يكون في تايلاند؟». وأضاف أن ثالثة المقومات هي القوة الحضارية، فالحضارات قامت على أرض الدول الإسلامية، نشأت في بلاد الإسلام وقامت عليها، وكذا النبوات، كلها قامت في أرض الإسلام، المسيحية من أرضنا انطلقت إلى أوروبا لتحرف هناك، واليهودية انطلقت من أرضنا أيضا، الحضارة الآشورية كانت في العراق، الحضارة الفرعونية كانت في مصر، والحضارة الهندية... وغير ذلك من الحضارات التي كانت بلاد الإسلام موطنا لها. أما رابعة المقومات فهي القوة الروحية: «نحن عندنا آخر الرسالات السماوية، الرسالة الوحيدة التي لم يطلها التبديل أو التغيير، هي الرسالة الخالدة، رسالة محمد صلى الله عليه وسلم». وتحدث عن لقائه مع مليون حافظ للقرآن في ليبيا، وأنهم قد بدؤوا في المليون الثاني، لأن ليبيا لها مكافآت تخصص لحفظة القرآن. وذكر أنه ومن خلال المسابقات القرآنية التي أشرف عليها في قطر، كانت في البداية أكثر المشاركين فيها من غير العرب، وخصوصا الآسيويين، لكن الأعوام الأخيرة عرفت مشاركات عدد من سكان المنطقة ومن القطريين. وأضاف: «أي إعجاز أكثر من أن تجد شابا يحفظ القرآن حفظا جيدا، ولا يفهم كلمة واحدة من اللغة العربية، حتى إنك إذا سألته: ما اسمك؟ لا يفهم السؤال، ومع ذلك يحفظ القرآن حفظا جيدا».