دفعت برودة أجواء السراة في منطقة الباحة والأجواء الممطرة والضبابية وميل درجات الحرارة لأدنى معدلاتها على قطاع السراة مع توشح قطاع تهامة الخضرة والدفء المهتمين بتربية نحل العسل للتوجه بقوافلهم النحلية إلى تهامة مودعين جبال السراة إلى أكثر من أربعة أشهر تقريباً خوفاً من نفوق النحل من شدة البرودة القارسة. وبدأت تهامة الباحة في استقبال الزوار الباحثين عن الدفء في السهول إلى جانب مربي النحل، حيث استقبلت خلال أقل من شهر ما يزيد على 3 آلاف خلية نحل للعسل. وقد وصل الفارق بين تجمعات الخلايا إلى أقل من عشرين متراً في أغلب الأودية التي تكثر بها أشجار "الأثل" و"الضهيانة السمر" و"العرفج" و"النباتات العطرية" التي يتميز بها قطاع تهامة بمنطقة الباحة وغيرها من الشجيرات التي ينتج منها ما تعارف عليه النحالة بعسل " الخبت " أي السهل نسبة إلى سهولة تهامة. ويقول رئيس مجلس إدارة جمعية النحالين التعاونية الدكتور أحمد الخازم: بناء على رغبة عدد من النحالين في منطقة الباحة تأسست جمعية النحالين التعاونية بموجب نظام الجمعيات التعاونية الصادر بالمرسوم الملكي لخلق روح التعاون والتنسيق بين أعضاء الجمعية لتطبيق الأنظمة لخدمة مصالحهم وإيجاد مرجعية علمية وتنظيمية للنحالين في المنطقة وتدريب وإرشاد النحالين وتنمية مداركهم العلمية ورفع قدراتهم المهنية وغير ذلك. وأشار إلى أن المملكة تحوي نحو مليون خلية نحل وأن هناك 5 آلاف يعملون في هذه المهنة وينتجون نحو 9 آلاف طن عسل ونستورد 10 آلاف طن أخرى لمواجهة احتياجات السوق المحلية. وبين أن جمعية النحالين التعاونية نظمت لقاء للنحالين بالمنطقة يهدف للتوصل لاتفاق بين النحالين على تقسيم مناطق الرعي النحلية بين النحل البلدي والنحل المستورد. وأشار إلى أن هذا التنظيم يرجع إلى أن النحل المستورد يهاجم النحل البلدي في حالة كان الموسم ضعيفاً والنحل جائعاً أو في حالة بدأ بعض النحالين يفرز قبل الآخر وهذا تصرف طبيعي بقوم به نحل العسل ولكن يكثر هذا التصرف في سلالة النحل المستورد أكثر من النحل البلدي ويساعد النحل المستورد على شراسته كبر حجمه. وأكد الخازم أنه تم التوصل من الجميع إلى اتفاق على تحديد بعض الأودية للنحل البلدي فقط والبعض الآخر للنحل المستورد. وفي أحضان سهول تهامة الدافئة يستقر النحالون بخلايا النحل المتنقلة في رحلتهم الشتوية بحثاً عن المناخ الملائم لتربية النحل ووفرة المرعى. ويقول النحال سعيد الزهراني الذي يمتلك أكثر من 200 خلية تنتج 400 كيلو جرام ويتراوح سعرها ما بين 350 إلى 400 ريال إن النحل لا يستطيع البقاء في مرتفعات السراة بسبب برودة الطقس حيث يقوم النحالون بنقله إلى مناخ دافئ فهو يقوم بوضع مخزون من الغذاء من بداية الصيف ويسمى "الرّدْمْ" وذلك تحسباً للنحل أنه سيعيش داخل الخلية في بياته الشتوي الذي تشتد فيه برودة الطقس والأمطار وبذلك يجد ما يقتات عليه من ذلك الغذاء حتى يحل فصل الصيف وتعتدل الأجواء. وعند نزولنا بخلايا النحل إلى السهول الدافئة نواجه صعوبة في تنظيف الخلايا وأحياناً يستشعر ذلك النحل ويقوم بدور التنظيف بنفسه. فيما يشتكي النحال غرم الله علي من طيور "القوارير" وهو المسمى الدارج في المنطقة لهذه النوع من الطيور والتي يطلق عليها بالفصحى اسم "طيور الوروار" ويقول: تعد هي أكبر آفات النحل إضافة لحشرة "ذبذوب النحل" وهي حشرة أصغر من النحل حجماً إلا أنها شرسة وتستطيع أن تقسم النحلة إلى نصفين وتقتات على بطنها ثم تبيض في جوفها الهالك وتتكاثر بهذه الطريقة والدبور وفراشة النحل. وعن أسعار العسل يقول سعد الزهراني يختلف من نوع إلى آخر والتي منها السدر الذي تتراوح أسعاره ما بين 250 و500 ريال للكيلو وعسل السمرة الذي تتراوح أسعاره ما بين 150 إلى 300 ريال والضهيان الذي يصل سعره في بعض الأوقات إلى 350 ريالا إضافة إلى أنواع أخرى مثل الصيفي الذي يأتي بعد سقوط أمطار الصيف وعسل المجرى والضرمة والبرسيم. كما ذكر عدد من المهتمين بتربية نحل العسل أن البرد يؤثر على النحل وبشكل كبير، ومع هذا فتهامة منطقة الباحة بديل متعارف عليه ورحلة لابد منها لكل نحال، فحر تهامة يحرك قوافل النحل باتجاه سراة المنطقة أما برودة أجوائها فتعيد القوافل باتجاه تهامة كما أن "الضهيانة" هي الغالب على عسل تهامة حتى وإن خالطها نوع آخر من الأشجار والشجيرات خلال هذه الفترة إلا أن "الأثل" الصافي يظل ما يتمناه المهتمون بتربية نحل العسل لكونه ألذ مذاقاً. وكشفت مصادر أن وزارة الزراعة بدأت باتخاذ إجراءات للنهوض بتربية النحل ووضع قوانين لتنظيم مهنة تربية النحل والعمل على إعداد إستراتيجية للنهوض بصناعة النحل مستعينة في ذلك بخبراء ومستشارين من جامعة الملك سعود.