تدرس السلطة الفلسطينية جدياً احتمال عرض تقرير ريتشارد غولدستون حول حرب إسرائيل على قطاع غزة على «المحافل الدولية»، في محاولة لامتصاص الغضب الذي أثاره إرجاء مناقشته في مجلس حقوق الإنسان، واتهام السلطة بطلب هذا الإرجاء. وأعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «يدرس بجدية إمكانية الطلب من المجموعة العربية والإسلامية رفع تقرير غولدستون إلى المحافل الدولية بشكل رسمي بما فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي». وأكد عريقات في اتصال من عمان حيث يرافق الرئيس الفلسطيني الذي توجه إلى إيطاليا والفاتيكان: «نريد مناقشة التقرير في المحافل الدولية لاتخاذ قرارات بشأن ما ورد في التقرير ولضمان عدم تكرار ما حدث من جرائم ضد شعبنا من قبل إسرائيل». وأضاف «إننا مصممون على دراسة قرار التوجه إلى المحافل الدولية، ونرجو أن نلقى دعما (من المجموعة العربية والإسلامية)؛ للوقوف إلى جانب شعبنا». وأوضح عريقات أن هذا الموقف اتخذ «في ضوء الملابسات التي حدثت والضجة التي أثيرت حول سحب مناقشة التقرير في لجنة حقوق الإنسان في جنيف وتنكر البعض لمسؤولياتهم». من جهته، سعى الرئيس الفلسطيني في مقابلة مع التلفزيون اليمني الاثنين إلى توضيح موقف السلطة الفلسطينية من تأجيل مناقشة التقرير. وقال «ليس من حق السلطة الوطنية أن تقدم طلبا أو تسحب طلبا أو تؤجل طلبا لأننا أعضاء مراقبون في مجلس حقوق الإنسان وأعضاء مراقبون في الأممالمتحدة». وأضاف: «كانت هناك مجادلات ونقاشات مطولة أدت بالنتيجة إلى ما يلي بالضبط: الدول الكبرى (الولاياتالمتحدة وروسيا وأوروبا والصين) وجدت أن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من البحث فتحاورت مع الدول الإقليمية العربية والإفريقية والإسلامية ودول عدم الانحياز أي الدول الأعضاء في هذا المجلس (48 دولة) (...) وتم التوافق على تأجيل عرض هذا التقرير إلى مارس المقبل». وتابع: «لم نسمع دولة واحدة قالت نحن لم نقبل، ورفضنا أو عرض علينا ولم نعط جوابا، والكل توجه إلى السلطة الوطنية يحملها المسؤولية، تلك السلطة التي ليس من حقها أن تقدم الطلب أو تلغي الطلب أو تؤجل الطلب»، موضحا أن «هذه ملامح الحقيقة». وكان مدير مكتب حقوق الإنسان في وزارة الخارجية القطرية الشيخ خالد بن جاسم آل ثاني صرح لقناة الجزيرة «أن الطرف الفلسطيني هو الذي طلب تأجيل التصويت على التقرير» مؤكداً «أنه فوت بذلك فرصة قد لا تتكرر». ونفى عباس «ما قيل حول ممارسة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الضغوط عليه لتأجيل التقرير»، موضحا أن كلينتون اتصلت به «بعد 48 ساعة من قرار التأجيل وليس قبل ذلك». وذكرت وسائل إعلام دولية أن الوفد الفلسطيني في مجلس حقوق الإنسان خضع لضغوط أميركية ووافق على إرجاء مناقشة تقرير المحقق الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون في هذه الهيئة إلى جلسته المقبلة في (مارس) 2010. ويتهم التقرير إسرائيل بارتكاب «جرائم حرب» خلال هجومها على غزة في (ديسمبر) و(يناير) الماضيين. وتابع عباس: «إذا كانت هناك ضغوط حصلت من دول على دول وأطراف على أطراف فهذا ما تم في المجلس نفسه وما جعل كثيراً من الدول ترى أن من المناسب والأفضل أن يتم التأجيل؛ لذلك صدر قرار التأجيل بموافقة الجميع». وقال عريقات «نحن في السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية من يتحمل مسؤولية الشعب الفلسطيني ولا نتهرب من هذه القضية؛ لأن الشهداء والجرحى والشعب الفلسطيني في غزة نحن المسؤولون عنهم». وتابع: إن الرئيس عباس سيعود بعد زيارته لإيطاليا التي تستمر حتى الأربعاء، إلى رام الله لعقد اجتماع للقيادة الفلسطينية؛ لاتخاذ قرار في هذا الصدد. وقال إن «كل الخيارات مفتوحة، ومن يقوم بلعبة إلقاء اللوم على السلطة الفلسطينية ورئيسها (...) هو للأسف من يحاول التنكر للمسؤولية الوطنية وضرب جهود المصالحة التي تقوم بها القيادة المصرية».