في الوقت الذي يطالب اقتصاديون سعوديون بفتح باب الاكتتاب في سوق السندات والصكوك التي تصدرها الشركات المحلية أمام الأفراد، أكد وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أمس أن المملكة لا تنوي إصدار سندات سيادية في الوقت الحالي. وقال العساف في تصريحات تلفزيونية على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في أسطنبول إن السندات الحكومية تصدر عندما يكون هناك حاجة لذلك وإن المملكة في الفترة الأخيرة لم تكن بحاجة لإصدار سندات أو صكوك. في المقابل لا يرى محللون حاجة لدى المملكة للاقتراض إذ إنها راكمت احتياطيات ضخمة من إيرادات صادرات النفط لكنهم يقولون إن السندات السيادية ستساعد على دعم سوق السندات -سواء التقليدية أو الإسلامية- الوليدة في المملكة. وفي ظل غياب سندات سيادية لتحديد سعر استرشادي تراجعت الإصدارات في السوق الثانوية للصكوك التي تم إطلاقها في يونيو الماضي. ويقول اقتصاديون ل"الوطن" إن السماح للأفراد بالاكتتاب في الصكوك سيعمل على توطين استثمارات ضخمة في السوق المحلية بدلا من بحثها عن الفرص الواعدة في أسواق السندات العالمية. واقترح رئيس مجلس إدارة شركة "وطن" للاستثمار الدكتور إحسان بو حليقة وضع ضوابط واضحة لاستثمارات الأفراد في هذه السوق، بحيث يتم وضع حد أدنى للمبالغ المطلوبة للاكتتاب، الأمر الذي يجعل المستثمرين من طبقة كبار رجال الأعمال. وقال بوحليقة في تصريح ل"الوطن" إن كبار رجال الأعمال يعرفون جيدا سوق السندات والصكوك والمخاطر التي قد تنشأ من خلالها، إضافة إلى أنهم يبحثون كثيرا عن الاستثمار طويل المدى. واتفق عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبد الحميد العمري مع بوحليقة بضرورة السماح للأفراد خصوصا رجال الأعمال بالاكتتاب في سوق سندات وصكوك الشركات، بدلا من حصر هذا الموضوع على المؤسسات أو الشركات المالية المتخصصة. وأوضح العمري أن السماح بذلك يتيح أدوات استثمارية جديدة أمام رجال الأعمال السعوديين الذين يستثمرون 1.2 تريليون ريال في الخارج، ومعظمها موجه للاستثمار في سوق السندات والصكوك العالمية. وقال العمري "السماح لرجال الأعمال بالاكتتاب الأولي في سوق السندات والصكوك المحلية يعد فرصة حقيقية لتقليص عدد المبالغ التي يضخها هؤلاء في الأسواق العالمية المشابهة"، متمنيا تعميق سوق السندات والصكوك المحلية أسوة بما حدث في سوق الأسهم. وأشار إلى أن صغار المستثمرين لا يبحثون عن مثل هذه المجالات من الاستثمار، والتي تحتاج لسيولة أكبر قد تتوفر لدى رجال الأعمال، حيث تتميز هذه السوق بطبيعتها الاستثمارية طويلة المدى. وقال إن صغار المستثمرين عادة ما يتجهون للفرص الاستثمارية السريعة، مستدلا على ذلك بارتفاع أعداد المكتتبين الأفراد في الشركات المطروحة للاكتتاب في سوق الأسهم نتيجة إمكانية بيع الأسهم والتخلص منها حين الإدراج. وأوضح العمري أن 70 % من الشركات المحلية ذات ملاءة مالية آمنة، مبينا أنها لا تحتاج إلى الاقتراض من البنوك عند حاجتها إلى توفير السيولة النقدية. وأفاد أن هذه الشركات من حقها إصدار الصكوك والسندات وطرحها للاكتتاب أمام الأفراد بهدف توفير السيولة التي تحتاجها، موضحا أن قيام الشركات المحلية بمثل هذه الخطوات يدل على ارتفاع نسبة الوعي الإداري والاستثماري. وفي ذات السياق استغرب العمري تستر بعض المؤسسات والشركات المالية على مستثمرين أفراد كانوا قد ضخوا أموالهم للاكتتاب في سندات أو صكوك طرحتها بعض الشركات، وقال "لا حاجة لمثل ذلك، حينما تسمح هيئة سوق المال لهم بالاكتتاب الأولي بشكل مباشر". من جهته قال الخبير الاقتصادي فيصل العقاب ل"الوطن" :"تتميز الصكوك والسندات، بأن عوائدها الاستثمارية ثابتة وقليلة المخاطر خصوصا إن كانت الشركات المصدرة لها شركات ٍ ناجحة"، مشيرا إلى أن الشركات المحلية التي نجحت في إصدار هذه الصكوك هي "دار الأركان "، وشركة "سابك"، وشركة "الكهرباء". إلى ذلك قال خبير قانوني في أنظمة السوق المالية السعودية ل"الوطن" (طلب عدم ذكر اسمه) إنه لا يوجد أدنى عائق أمام هيئة السوق المالية بالسماح للمستثمرين الأفراد بالاكتتاب الأولي في الصكوك أو السندات التي تطرحها بعض الشركات المحلية من حين لآخر.