بدأت قمة مجموعة العشرين اجتماعها أمس في مدينة بتسبرج الأمريكية وهو الاجتماع الثالث لزعماء المجموعة منذ أن أطلق انهيار بنك ليمان براذرز في العام السابق شرارة كساد عالمي كبير. ووصل إلى بتسبرج مساء أول من أمس وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لحضور اجتماعات قمة مجموعة العشرين الاقتصادية، حيث رافقه في حضور اجتماعات المجموعة الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية و الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد السعودي. ووضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يستضيف قمة مجموعة العشرين للمرة الأولى جدول أعمال يشمل معالجة إحدى أكثر المشاكل الشائكة في الاقتصاد العالمي الحديث وهي كيفية التعامل مع الاختلالات الهائلة بين البلدان المصدرة الكبرى مثل الصين والولاياتالمتحدة الغارقة في الدين. ويعني الحجم الهائل للمشاكل التي تناقشها القمة اليوم والتي تشمل نموذج النمو العالمي غير المتوازن والتغير المناخي ووضع لوائح مالية أكثر صرامة وكذلك وضع حد أقصى لأجور المصرفيين - أن هناك توقعات ضئيلة باتخاذ إجراءات على الأجل القصير. فيما قال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون أمس إن زعماء العالم سيعلنون مجموعة العشرين باعتبارها المجلس الاقتصادي الرئيسي في العالم. وقال إن زعماء المجموعة سيجتمعون بشكل دوري وستتولى كوريا الجنوبية رئاسة المجموعة العام المقبل. وقال براون للصحفيين قبيل قمة زعماء مجموعة العشرين في بتسبرج "مجموعة العشرين ستقوم بدور في التعاون الاقتصادي أكبر من الذي قامت به مجموعة الثماني في الماضي". وأشار إلى أن هناك احتياطيات بالعملة الأجنبية تبلغ قيمتها سبعة تريليونات دولار "لا تستخدم بالضرورة بشكل بناء". وتابع براون أنه يريد أن يرى صندوق النقد الدولي يتقدم بخطة تأمين من شأنها تقليل احتياج بعض الدول لمراكمة الاحتياطيات لاستخدامها في دعم اقتصادها. وقال إكسيل ويبر العضو بمجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أمس إنه لا يزال يتوقع أن تتفق القمة على إجراء تغييرات طويلة الأجل للهياكل المالية العالمية، وأن الاجتماع سيكون أكثر إيجابية مقارنة بالاجتماعات السابقة. وقال ويبر الذي يرأس البنك الاتحادي الألماني (البنك المركزي الألماني) "أنا سعيد لوجود اتفاق واسع النطاق في الآراء بين زعماء مجموعة العشرين والهيئات التنظيمية بشأن القضايا. المدرجة على جدول الأعمال". إلا أنه فيما يتعلق بالولاياتالمتحدة ستأتي على قمة القضايا الدعوة لتنسيق السياسات للحد من اعتماد العالم على المستهلكين الأمريكيين وذلك عن طريق تعزيز الاستهلاك في البلدان المصدرة الكبرى وتوفير الفرص للدول المثقلة بالديون لرفع مدخراتها. وقال وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايتنر والذي يلتقي مع مسؤولي مجموعة العشرين إنه يجب على الولاياتالمتحدة أن تزيد مدخراتها الأمر الذي يعني أنه سينبغي على الدول التي تعتمد على الطلب الأمريكي لتعزيز النمو الخاص بها التحول إلى اتجاه آخر. وأضاف "إذا كان هناك أي شيء مستفاد من الأزمة فهي تلك الحقيقة الأساسية". ومن شأن عملية إعادة التوازن أن تتطلب جهودا هائلة باعتبار أن الاستهلاك الخاص للصين يبلغ أكثر قليلا من ثلث اقتصادها بينما يتجاوز 70 % في الولاياتالمتحدة أو بريطانيا. وعلى النقيض وفرت الأسر الصينية نحو 40 % من الدخل المتاح العام الماضي بينما بلغ معدل المدخرات بالولاياتالمتحدة ما يزيد قليلا على 3%. ولا تزال علامات التأييد المتنامي للمبادئ الخاصة باقتصاد عالمي أكثر استقرارا ووضع قيود على المجازفات المفرطة للبنوك في انتظار الاتفاق على كيفية تحقيق تلك الأهداف. واتفقت الصين - التي تركز حزمتها التحفيزية البالغة 585 مليار دولار بصورة كبيرة على تعزيز الاستثمار المحلي والاستهلاك - على فكرة تطوير اقتصاد عالمي أكثر اتزانا والمزيد من التعاون الدولي بشأن السياسات. إلا أنها تنحت عن اقتراح الولاياتالمتحدة بجعل صندوق النقد الدولي مسؤولا عن المراقبة المنتظمة والتوصيات السياسية لأعضاء مجموعة العشرين. واقترحت ألمانيا التي كانت أكبر الدول المصدرة في العالم العام الماضي أن تركز القمة على لوائح الأسواق المالية الأمر الذي طالب به العديد من الزعماء الأوروبيين من أجل التأكيد على الحد من الأجور الهائلة والمكافآت الخاصة بالمصرفيين.