أكدت مصادر فتحاوية في رام الله انقلاب محمود عبّاس رئيس السلطة الفلسطينية على حليفه السابق محمد دحلان. وقالت المصادر إن عبّاس انقلب على دحلان لجملة أسباب اهمها استصغاره لشخص دحلان، وعدم قناعته بأنه أهل لعضوية اللجنة المركزية للحركة. كما أكدت المصادر ذاتها لصحيفة "الحقائق" الفلسطينية ان من أسباب انقلاب عباس عدم ثقته بنوايا دحلان اتجاهه، ذلك أنه يعتقد أنه لا حدود لطموحات دحلان، الذي يخطط لتولي رئاسة السلطة الفلسطينية. وأضافت المصادر ان تمكن دحلان من تشكيل كتلة كبيرة داخل المؤتمر العام يتراوح عدد اعضائها بين 350 400 عضو، تؤهله في حال أحسن تشكيل تحالفات للفوز بعضوية اللجنة المركزية مع عدد آخر من حلفائه، والتمكن من التأثير مستقبلاً على قرار حركة "فتح". كما قالت المصادر ذاتها ان طموح دحلان بعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ليحل محل فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية، موقع يفتح الباب واسعاً أمام نشوب منافسة عنيفة على صناعة القرار السياسي بين دحلان وعبّاس، خاصة وأن دحلان مدعم بتأييد كتلة لا يستهان بها داخل حركة مفككة، فضلاً عن الإمكانيات المالية المتوفرة بين يديه. إضافة الى الدعم الأميركي الإسرائيلي الذي يحظى به دحلان، على نحو يقوي موقفه في التعامل مع عبّاس. اجراءات للحد من فرص دحلان في المؤتمر ورصدت مصادر صحيفة "الحقائق" عدة اجراءات اتخذها عبّاس للحد من فرص دحلان في المؤتمر، أهمها : أولاً : عدم التباحث معه في ضمه إلى قائمة المرشحين لعضوية اللجنة المركزية المدعومة من قبل عبّاس. ثانياً : سحب محمد راتب غنيم من معسكر دحلان إلى معسكر عبّاس، بعد افهام غنيم أن التحالف بين عبّاس ودحلان تم فكه من جانب رئيس السلطة. ثالثاً : ترشيح غنيم لموقع نائب رئيس السلطة، على نحو من شأنه أن يغلق الأبواب أمام طموحات دحلان في خلافة عبّاس، رئيساً للسلطة. رابعاً : رفض عبّاس جميع الجهود التي بذلت لمقايضة حركة "حماس"، على قاعدة إطلاق سراح معتقلي حركة المقاومة الإسلامية من سجون سلطة رام الله، مقابل السماح بمغادرة أعضاء مؤتمر "فتح" من غزة إلى بيت لحم، وذلك بهدف إضعاف فرص دحلان. خامساً : اجراء زيادة هائلة على عضوية المؤتمر، بحيث بلغ عدد اعضاء المؤتمر المتواجدين في فنادق بيت لحم حالياً أكثر من 2500 عضواً، وذلك بعد منع 400 عضو من مغادرة غزة، ومقاطعة ما بين مئتين إلى ثلاثمئة عضو من أقاليم الخارج للمؤتمر. وعلى ذلك، تقول "الحقائق"، يكون عبّاس قد اضاف ألفي عضو لعضوية المؤتمر، علماً أن اللجنة المركزية كانت اعتمدت قرار اللجنة التحضيرية بقصر العضوية على فقط 1550 عضواً. علما ان الأعضاء المضافون "قلبوا معادلة المؤتمر لصالح عبّاس بشكل مطلق، وهو الذي أنفق أموالاً طائلة على تحضيرات المؤتمر من أصل خمسين مليون دولار خصصتها الولاياتالمتحدة لشراء حركة "فتح"..!" دحلان يلراهن على غياب ممثلي غزة دحلان بدوره، وفي ضوء التركيبة الجديدة للمؤتمر، بدأ يعمل على تأجيل انعقاده، دون جدوى، نظراً لإصرار عبّاس على عقده في الموعد الذي حدده. ويجاهر أنصار دحلان، خاصة عبد العزيز شاهين، برفضهم عقد المؤتمر بغياب ممثلي تنظيم غزة، بعد أن كانوا إلى ما قبل انقلاب عبّاس عليهم، يصرون على عقد المؤتمر في موعده. وتخلف أنصار دحلان في الساحة الأردنية عن التوجه إلى بيت لحم، تنفيذاً لقرار بالتغيب عن المؤتمر، فيما يجمعهم في موقف واحد مع حكم بلعاوي عضو اللجنة المركزية، الذي تخلى عبّاس عنه هو الآخر، بعد أن انتهى من عصره، ووظفه طوال الوقت الماضي في خوض معاركه الإعلامية ضد فاروق القدومر أمين سر اللجنة المركزية للحركة، الذي أعلن عدم شرعية المؤتمر. "عضو ناظم" استراتيجية عباس بالمؤتمر ومن أجل الحفاظ على وحدة تياره، أقنع عبّاس كلاً من ياسر عبد ربه، وسلام فيّاض، بتأجيل البت بعضويتهم في الحركة، وبالتالي عدم ترشحهم لعضوية اللجنة المركزية في الوقت الحالي. وتؤكد مصادر مقربة جداً من الإثنين، أن عبّاس وعدهما بقبول عضويتهما لاحقاً، وتنظيمهما بموجب بند في النظام الأساسي للحركة يقضي بحق أي عضو من أعضاء اللجنة المركزية بتنظيم من يريد في الحركة بشكل سري غير معلن، تحت عنوان "عضو ناظم"، على أن تتم اضافتهما لعضوية اللجنة المركزية بعد المؤتمر عن طريق التعيين، وهو ما يجيزه النظام الأساسي للحركة. ووعد عبّاس عبد ربه وفياض بأن يقدم شهادة يؤكد فيها أنه قام بضمهما لعضوية الحركة ك "عضو ناظم" قبل أكثر من 15 سنة، ذلك أن النظام الأساسي للحركة يشترط في عضو اللجنة المركزية أن يكون مضى على عضويته فيها هذا العدد من السنوات. على صعيد متصل، لم يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض حتى الآن، بخصوص مستقبل عضوية عدد من الأعضاء الأساسيين في اللجنة المركزية الحالية، من بينهم محمد راتب غنيم، سليم الزعنون، أحمد قريع، وعبّاس نفسه، ما إذا كانوا سيترشحون لعضوية اللجنة المركزية المقبلة أم لا..؟ مناورة التزكية بدل خوض الانتخابات وتكشف المصادر أن عبّاس ينفذ حالياً جانباً من مناورة هدفها عدم خوضه الانتخابات لعضوية اللجنة المركزية، واستدراج المؤتمر إلى تثبيت عضويته بالتزكية، حيث أعلن أنه لا يعتزم الترشح لعضوية اللجنة المركزية لهذه الغاية. وتنقل المصادر عن غنيم والزعنون وقريع أنهم لن يرشحوا انفسهم لعضوية اللجنة المركزية، لكنهم يقبلون تزكيتهم لعضويتها دون انتخابات، باعتبارهم من بين القيادة التاريخية المؤسسة، علما أنهم جميعاً ليسوا مؤسسين، ولا تاريخيين (أقدمهم الزعنون)، كما تؤكد المصادر، بمن في ذلك عبّاس نفسه الذي التحق بعضوية الحركة سنة 1964، وذلك بعد قرابة العشر سنوات على تأسيسها أواسط الخمسينيات. وتؤكد المصادر أن عبّاس لم يشارك في أعمال المؤتمرين الأول والثاني للحركة، وأنه بدأ يشارك في أعمال المؤتمرات اعتباراً من المؤتمر الثالث، وأنه حصل على عضوية اللجنة المركزية للحركة لأول مرة أواخر الستينيات، في حين أن القدومي هو العضو الوحيد الباقي على قيد الحياة من خلية التأسيس الأولى.