يسّرت المعدات الحديثة في وقتنا الحاضر الكثير من سبل الحياة في العديد من مناحي الحياة، وخاصة في مجال البناء. حيث كان في الماضي تبعًا لطبيعة الأرض والبيئة في الكثير من مناطق المملكة، تعتبر عملية البناء من العمليات شديدة الصعوبة نظرا لطبيعة الأرض الجبلية، التي كانت تستدعي وقتا وجهدا كبيرين من أجل تهيئتها للبناء. أما اليوم فقد أصبحت معدات التكسير وغيرها تقوم بتنفيذ العمل في وقت قياسي وبشكل آمن، بعد أن كانت الطريقة الوحيدة للتكسير هي استخدام ما يسمى ب(اللغب)، وهي عملية تفتيت الصخر كمرحلة أولى قبل البناء، ويرى البعض أن الكلمة في أصلها «لغم» ولكنها حوّرت في اللسان الشعبي لتصبح «لغبا»، ومن يقوم بها «ملغبا». حفر الحجر ويتحدث سعد علي الغامدي عن طريقة عمل اللغب فيقول: يقوم الملغب بحفر الحجر باستخدام العتلة والتي هي من الحديد الصلب، حيث يضرب برأسها المدبب الصخرة مع لفها يمينا ويسارا، ويستمر كذلك مع إضافة بعض الماء ليسهل عملية ثقب الصخرة حتى يصل إلى العمق المطلوب في الصخرة والذي يحسب عادة بما يسمى بالقفلة، وتساوي حوالى أربعة أصابع. كما تسمى أعمق حفرة في الحجر بالمضرب، وهو عادة لا يتجاوز ست قفلات، والوصول إلى ذلك المقاس في الصخرة يحتاج إلى عمل وجهد نصف يوم تقريبا، وبعد الانتهاء من حفر الحجر يقوم الملغب بصب البارود داخل المضرب إلى منتصفه تقريبا بطريقة احترافية، ثم يصب فوقه الحصى والحجارة الصغيرة، ثم يضع فوقه مرة أخرى البارود إلى فوهة المضرب، ثم ينثر كمية من البارود من فوهة المضرب إلى مسافة قد تتجاوز المتر على حسب ما يراه الملغب ليتمكن من الهرب والابتعاد عن موقع الانفجار، ويقوم بإشعال النار في البارود ثم يهرب، وينادي بأعلى صوته بكلمة يعرفها الجميع وهي «يا لغب يا لغب» حتى يتنبه الناس ويبتعدوا عن مكان الانفجار الذي تتطاير معه الحجارة إلى مسافات بعيدة، مما قد تتسبب بمقتل الشخص أو إصابته، وبعد تفتيت الصخور يتم استخدامها بعد التعديل باستخدام المطارق والفوانيس المخصصة لذلك، إلا أن هذه الكلمة لم تعد تسمع أيامنا هذه مع وجود المعدات والكسارات الحديثة، ووجود أصابع الديناميت التي تستخدم لتفتيت الصخور. نداء التنبيه ويوضح الغامدي قائلا: كنا نتابع عملية اللغب الذي يقوم بها معلمو تكسير الحجارة ونحن في مقتبل أعمارنا، حيث كنا نتابعهم وهم يكسرون الحجارة الكبيرة وننتظر حتى يأتي دور اللغب، وعندها يقومون بإبعادنا عن منطقة التكسير بمسافة كافية حرصا على سلامتنا، ومن ثم يقومون بتجهيز اللغب وكنا ننتظر سماع الصائح وهو ينادي بأعلى صوته بكلمة «لغب يا لغب» ليهرب من حولهم بمسافات بعيدة، لنسمع بعد هذه الكلمة بلحظات دوى الانفجار الهائل، ومن ثم نعود إلى الموقع لنجد العاملين يقومون بتجميع الصخور المتناثرة بعد عملية اللغب.