حث الدكتور معجب بن سعيد الزهراني أستاذ الأدب الحديث وعلم الجمال في جامعة الملك سعود الباحثين على إيلاء الفنون الشعبية مزيدًا من الاهتمام بوصفها تشكل جزءا مهمًا في الثقافة الوطنية والقومية والحضارية، داعيًا إياهم إلى إيقاظ الوعي وتنمية مكوناته، وتوجيه مساراته بعيدًا عن الأهواء والجهالات الأيدولوجية التي تمحق كل معرفة وفكر.. كما وجّه رسالة إلى المسؤولين مناشدًا باستنفار كل المؤسسات الثقافية للتعاون من أجل إنقاذ ما تبقى من الثقافات الشعبية، وإحياء ما اندثر منها، مبديًا سعادته بما يتم حاليًا في قرية “ذي عين” من إعادة تأهيل من قبل الهيئة العامة للسياحة والجهات ذات العلاقة. فيما وجّه رسالة ثالثة للمبدعين في مجالات القصة والرواية والشعر والمسرح والغناء والرسم وغيرها، مطالبًا إياهم بالحوار المعمق مع تراثاتهم الجمالية المتنوعة بوصفها منجمًا للكثير من العناصر والأشكال والقيم التي تميز منتوجاتهم. جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها د.معجب الزهراني في النادي الأدبي بالباحة يوم الثلاثاء الماضي وتناول فيها “جماليات الفنون الشعبية”، أبان في سياقها أن هناك ثلاث ثقافات عالمية؛ منها ثقافة العمل، وثقافة التدين، وثقافة الجمال، ولا يوجد مجتمع إلا وفيه هذه الثقافات. متناولاً كل ثقافة منها بالتفصيل متخذًا من “الشجرة المنطقية المعرفية” - التي زرعها “فورفوس” في محاولة منه لاستعمال العقل لتفهم الكون والوجود والانسان والثقافة- مدخلاً لإيضاحاته. مشيرًا إلى أن أرسطو أول من استعمل الشجرة المعرفية. لينتقل معجب من ثم إلى الحديث عن ألوان الشعر وفنونه في المملكة، متطرقًا إلى شعر العرضة، وشعر الزمل؛ الذي انقرض، مشيرًا إلى أن كل مجتمع به رقصات نسائية ورجالية ورقصات مشتركة. ثم تناول الغناء وقال إنه يوجد ظاهرة ملفتة للانتباه وهي كثرة الغناء في المنطقة؛ حيث كان الغناء جزء من الثقافة المحلية، منوّهًا إلى أن الشعوب التي تعمل كثيرا تغني كثيرًا والعكس من ذلك التي لا تعمل كثيرًا لا تغني كثيرا. محمّلا المدوّنين مسؤولية عدم رصد شعر المرأة والذي يعتبر منافسًا لشعر الرجل. مختتمًا بالإشارة إلى أن الأديب علي السلوك - شافاه الله - كان ينوي رصد شعر المرأة ولكنه دخل في غيبوبة ولم يتمكن من ذلك. بعد ذلك تناول فنون أخرى وهي الزخرفة والنقش التي كانت تمتاز بها بعض الشعوب والمناطق ومنها منطقة الباحة. مداخلة معترضة المحاضرة شهدت العديد من المداخلات؛ أبرزها مداخلة الدكتور صالح زياد الزهراني الذي اعترض على بعض النقاط التي طرحها الدكتور معجب ، مشيرًا إلى أنه كان غير دقيق حول سبب اختفاء بعض الجماليات كالمسحباني وغيره، وكان يفترض أن يناقش التقليد الذي يحدث الآن من خلال بيوت الشعر المنتشرة في أفنية الفلل وغيرها؛ موضحا أن المحاضرة انتهت بغير ما ابتدأت فكان الأولى أن يستنفر حسنا لهويتنا بدلاً من التقليد الشعبي الموجود حاليًا. ملخصًا المحاضرة بقوله : ما لمسناه في المحاضرة كان فيضا للحنين للماضي ومجروحا لهويتنا التي أصبح ليس لها مكان.