بعد أن تمكنت شركة "أبل" الامريكية العملاقة في مجال التكنولوجيا من إحداث ثورة كبيرة في صناعة الموسيقى الرقمية من خلال أجهزة "آي بود" و "آي فون"، تسعى الشركة الامريكية الآن لحصد نجاح آخر ولكن في مجال النشر من خلال حاسوبها اللوحي الذي ينتظر الكشف عنه خلال الاسبوع الجاري. وستكون الساحة التكنولوجية على موعد الاربعاء القادم مع إطلاق الجهاز الذي طال انتظاره وتزايدت حوله التكهنات طيلة الاسابيع الماضية، لما يتوقع له بإحداث ثورة في سوق الحواسب، وذلك بعد ان دعت "آبل" وسائل الاعلام للحضور الى مقرها في سان فرانسيسكو في 27 من الشهر الجاري، لما يرجح بانه سيكون حفل إطلاق "Tablet" كما أطلقت عليه وسائل الاعلام الامريكية، غير ان عشاق التكنولوجيا قد يتحتم عليهم انتظاره حتى ظهوره في المتاجر الامريكية في مارس/آذار المقبل. وتقول مؤسسة "سانفورد برنشتاين" المتخصصة في دراسات السوق، إن منتج "آبل" القادم سيصنع نجاحا مباشرا، وان الشركة الأمريكية قد تسوق ما يقرب من ثلاثة ملايين وحدة من هذا الجهاز في العام الاول من إطلاقه، بزيادة ثلاث مرات عن حجم مبيعات الحواسب المماثلة التي تم بيعها معا في السوق عام 2009. وفي ظل التعتيم التام التي تفرضه الشركة الامريكية على منتجها الجديد، تزايدت التكهنات والافتراضات حول الحاسوب اللوحي المنتظر بشأن الامكانيات التي سيحتوي عليها، في حين أكدت مصادر من الشركة انها أطلعت على الجهاز وانه يحتوي على شاشة لمسية بمساحة 10 أو 11 بوصة، ولوحة مفاتيح افتراضية مماثلة للموجودة في هاتف "آي فون". وبالطبع لم تكن تسعى "آبل" لتطوير مجرد حاسوب نقال، ولكنها عملت على ابتكار جهاز يكون أيضا بمثابة منصة لمنتجات دور النشر، كالكتب والمجلات والصحف، ويسمح بتحميل النصوص بأسعار لم يتم تحديدها بعد، من خلال خطوات بسيطة كيفما هو الحال في "آي بود" عندما يتم تحميل الملفات الموسيقية من متجر آبل على الانترنت "آي تيونز"، ويوفر أيضا إمكانية رؤية المحتويات البصرية وبرامج التليفزيون، وممارسة الألعاب الكترونية، وتصفح الانترنت عبر الواي فاي. ويعتقد الخبراء بان منتج "آبل" الجديد سيكون منافسا حقيقيا للأجهزة القارئة للكتب الرقمية، لما سيوفره من خصائص أخرى مقصورة على الحواسب الشخصية، الى جانب إتاحته للامكانيات المذكورة سلفا. وأكدت مصادر عدة ان "آبل" تتفاوض مع دور نشر وصحف كبرى مثل "نيويورك تايمز" و "كوندي ناست" و"هاربر كولينز"، التابعة لمجموعة "نيوز كوروبريشن"، والمملوكة للامبراطور الإعلامي، روبرت مردوخ، حول صفقة تتيح إمكانية شراء وقراءة المحتويات الرقمية لتلك الشركات باستخدام الحاسوب اللوحي "Tablet". كما أشارت بعض الروايات الى ان عملاق التكنولوجية الامريكية تجري محادثات مع شبكات تليفزيونية مثل "سي بي سي" و "ايه بي سي" لتقديم برامجها عبر الجهاز الجديد، وكذلك تتفاوض مع شركة إنتاج الالعاب "الكترونيكس ارتس"، في محاولات لتكرار نجاج "آي بود" و"آي فون" بالسير على نفس المنوال : تقديم جهاز ذي تصميم أنيق ويضم برامج وتطبيقات وإمكانيات مذهلة. ومع النتائج التي حققها إنشاء متجر "آي تيونز" على الانترنت، والتهافت على شراء "آي بود"، أصبحت الشركة الامريكية الموزع الرئيسي للمحتويات الموسيقية في الولاياتالمتحدة، وكذلك فقد حول متجر تطبيقات "آي فون" على الانترنت، الهاتف الذكي الى حاسوب صغير يضم أكثر من 100 ألف برنامج متوافر بأموال زهيدة للغاية أو مجانية. والى ذلك، فقد أكدت الصحافة المتخصصة في التكنولوجيا ان "آبل" تخطط لانشاء متجر للكتب الرقمية، وهو ما قد يلحق الكثير من الضرر بمبيعات الكتب الرقمية التي تعمل على أجهزة "كيندل" لشبكة "أمازون" الأمريكية المتخصصة في التسويق عبر الانترنت. وقد أصبح من المؤكد انه إذا ما نجحت "آبل" في إقناعنا بشراء منتجها الجديد، فان صناعة النشر ستتربح من وراء الحاسوب اللوحي، بعد أن شهدت خلال السنوات الماضية خسائر كبيرة مع انتشار استخدام الانترنت، وفي ظل بحثها عن حلول إبداعية للحصول على مقابل ما يتصفحه المستخدمين من المحتويات المقرؤه وتغيير عادتهم في اقتنائها مجانا. وبالرغم من ذلك، فان الحاسب اللوحي الجديد ل"آبل" أمامه طريق طويل وعليه تجاوز العديد من العقبات لتحقيق النجاح، وتأتي في مقدمتها ارتفاع سعره، حيث أكدت مصادر مطلعة أن سعره سيصل الى ألف دولار في الولاياتالمتحدة، كما ان على ان الشركة التكنولوجية أيضا العمل على كسب عدد كبير من المستخدمين بشراء منتجها، في ظل توافر أجهزة الحواسب الدفترية والكتب الالكترونية، وحتى الهواتف النقالة التي توفر إمكانيات مماثلة الى حد ما وبنصف التكلفة أو أقل. وكذلك فان حاسب "آبل" اللوحي لا يعتبر الحاسوب الوحيد من هذا الطراز في الأسواق، حيث أطلقت 15 شركة متخصصة في صناعة الحواسب منتجات مماثلة في عام 2009 وقد يصل الرقم الى 30 هذا العام. وأخيرا فان نجاح "Tablet" سيتوقف على كيفية مواكبته لحياة المستخدم اليومية، وما إذا كان سيقدم إمكانيات كافية تجعل الامر يستحق العناء لاقتنائه واستخدامه.