وفي العقود الماضية كنا نسمّي وكالة الأنباء السعودية (واس) وكالة النفي. لأنه عندما ينشر خبرعن تصادم سيارتين تسارع إلى بث خبر تقول فيه : نفى مصدر مسؤول بالمرور وقوع حدث تصادم . تنفق رؤوس من الماشية بسبب مرض ما . تقول إن مصدرا بوزارة الزراعة نفى نفوق أي رأس .. وتطور الحال ولم تعد (واس) كذلك إلا عند الضرورة. غير أن ثقافة النفي هذه ظلت جزءا من حياتنا العقلية. فلا نقرّ بخبر كارثي ولا حتى عادي إلا عندما نجد أنه انتشر وطارت به الأخبار. وكأننا نقول إننا أمة لا تقع عندنا أحداث ولا تصيبنا كوارث. فنحن أمة مختارة لا يأتيها السوء.. قرأت يوم 4.11.2012 خبراً يقول إن (110 ركاب) كانوا على رحلة الخطوط السعودية رقم 305 وصلت القاهرة ولم تصل حقائبهم فتجمهروا حتى كادوا يقتحمون أرض المطار بحثا عن حقائبهم .. وجاء موظف الخطوط السعودية في مطار القاهرة ليعلن للركاب أن حقائبهم وعددها (275) ستصل على الرحلة القادمة وأن السبب هو تغيير الطائرة من كبيرة إلى صغيرة لم تتسع لكل حقائب الركاب. بقي معظم الركاب في المطار ينتظرون الرحلة القادمة .. ثم خرج علينا مدير العلاقات في الخطوط السعودية ينفي حدوث الواقعة جملة وتفصيلاً ويقول إنه اتصل (بنفسه) بالعمليات فلم يجد لهذا الخبر أي أساس من الصحة .. مدير العلاقات هنا نفى الحقائق المؤكدة. وهذه ليست غريبة علينا أقصد (ثقافة النفي). ماذا لو اعترف بالحقيقة واعتذر عن الخطأ؟! لو فعل كان أفضل.