تطرقنا الأسبوع الماضي إلى قراءة سريعة في أنظمة التمويل العقاري، ومخاوف البعض من محدودية الاستفادة منها نتيجة عدم حسمها آليات احتساب الفائدة والتقييم العقاري بوضوح، واليوم نواصل الطرح في هذا المجال وسط قناعة مؤداها أن حجم الاستفادة من هذه الأنظمة سيظل مرهونا وبصورة كبيرة بالقدرة على طرح وحدات سكنية معقولة التكاليف بالدرجة الأولى، حتى يتمكن ذوو الدخل المحدود والمتوسط من شراء وحدات عبر الرهن العقاري. وقد بات واضحا للعيان في الآونة الأخيرة توجه غالبية المطورين العقاريين إلى الفلل السكنية التى تصل أسعارها إلى مليوني ريال، وهو ما يجعل الشريحة المستفيدة منها محدودة للغاية، فيما لايزال 50 60 في المئة من عدد السكان يعانون كثيرا لعدم توفر وحدات سكنية لديهم، واعتمادهم على الإيجار الذى يستنزف 35 في المئة من الرواتب على أقل تقدير. وفي مقابل ذلك، يبدو هناك تباطؤ ملحوظ في طرح الوحدات السكنية معقولة التكاليف بدعاوى مختلفة مثل ارتفاع الأسعار والتكاليف وأجور العمالة على الرغم من إمكانية ذلك لو تمت الاستعانة بشركات عالمية لبناء ضواح سكنية على نطاق واسع، ما يقلل من التكاليف بشكل كبير. ويمكن الاستفادة في ذلك من تجربة الإسكان الميسر في مكةالمكرمة. أما الأمر الثاني الذى نتطلع إلى حسمه مع الأنظمة الجديدة فهو معالجة المضاربة على أسعار الأراضي والعقارات، واستحداث مؤشر عقاري عام يتسم بالشفافية والوضوح، وإقرار آليات دقيقة للتثمين العقاري. ولاشك أن الجميع على دراية تامة بأن السوق عانى في الآونة الأخيرة من مضاربات وهمية على الأراضى أدت إلى ارتفاعات غير مبررة في الأسعار، كما أن هناك حالة من عدم الرضا عن آليات التثمين، وقد انتصر ديوان المظالم في مكة والمدينة المنورة للكثير من المتضررين، وأمر بإعادة التقدير ليتسم مع أسعار السوق. ولعل هذه الأحكام تشكل درسا للجميع لضرورة الالتزام بالعوامل الموضوعية المتفق عليها للتثمين عالميا، وأن يتم تسليم التعويضات سريعا حتى تقل الشكاوى في ظل تقلب الأسعار بشكل سريع . أما الأمر الثالث الذى بودي الإشارة إليه فهو تقديم نصيحة للجميع مفادها أن الرهن العقاري قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المدى القصير، لكنه قد يهدئ من الطفرة السعرية فيما بعد لو توفرت الخيارات المختلفة من الوحدات السكنية بالأسعار المعقولة مع آلية تثمين عادلة، ومحاولات جادة للتصدي للارتفاعات المستمرة في أسعار الأراضى والإيجارات من جانب الجهات الرسمية. -------------- * رئيس طائفة العقار في جدة.