أكثر ما يغيظني أو بالشعبي (يغثني) هو قول كل مسؤول في الدوائر الحكومية ، أثناء حديثه للإعلام، أن المواطنين سواسية في التعامل معهم، كأنه يعيش في كوكب ونحن في كوكب آخر ، أو كأنه لا يعلم شيئا عن التفريق بين معاملة مواطن (واصل) ومواطن (غلبان) ، أو مواطن يعرف فلانا في الدائرة الحكومية الفلانية ومواطن لا ظهر له ولا بطن ، لا هنا ولا هناك. نحن -أيها المسؤولون- نعلم ونرى كيف يعامل مواطن عادي وكيف يعامل مواطن تحمله أكف الراحة والواسطة ليشرب القهوة والشاي في مكتب المدير إلى أن تنتهي معاملته الدائرة في دهاليز بيروقراطيتكم وصعوباتكم وقراراتكم الارتجالية ، ونعلم -إن كنتم لا تعلمون أننا نعلم- بأن آلاف المواطنين يتجنبون الكثير من الدوائر الحكومية ما وسعهم ذلك ، وقد يتنازلون عن حقوقهم أو بعضها ليكفوا أنفسهم شر تكفف موظفي هذه الإدارات الذين يعاملونهم وكأنهم (شحاذون) على أبواب مكاتبهم. لا .. ليس المواطنون سواسية في الدوائر الحكومية ، بل تفرقهم المعارف والأطياف والقبائل وعلاقات المصلحة ، لذلك لا تجد مواطنا -وهذا يشمل المواطِنة بطبيعة الحال- لا يبحث عن واسطة كبيرة أو صغيرة ليحظى بحنان ورعاية الدائرة الحكومية التي يزورها لغرض ما ، وأنا شخصيا -باعتباري من نبات هذه الأرض- أفتش عن الوساطات بالمنقاش كلما لزمني أمر حكومي ، أكره ذلك وأمقته لكنني أريد أن أنهي معاملاتي في وقت أقصر وأنسب لأتفرغ لباقي شؤون حياتي ، لذلك أنصح المسؤولين الحكوميين بأن يبطلوا اسطوانة (سواسية) هذه ويعترفوا بأنه لا سواسية ولا يحزنون ، إن أرادوا أن يصلحوا شؤون إداراتهم وأداء موظفيهم ، إلا إذا كانوا يقصدون أنهم سواسية في سوء المعاملة وتردي الخدمات وتأخير إنجاز المعاملات.