أصبح مجتمعنا في العقدين الأخيرين يشكو ضموراً متنامياً في قيمه ومبادئه وسلوكاته الحياتية التي تمثل المحور الأساس الذي يقوم عليه ديننا الحنيف في تعاليمه الخالدة والتي وضعت في مقدمة الاولويات المطلوبة لطاعة العبد لمولاه سبحانه وتعالى شأنه كما تشير الآية الكريمة في وصف نبي الأمة وقدوتها عليه الصلاة والسلام (وانك لعلى خلق عظيم) وكما ورد في الحديث النبوي الشريف (انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقوله عليه الصلاة والسلام (اقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم اخلاقاً) وقوله عليه الصلاة والسلام (الدين المعاملة) ومما يؤكد صحة ذلك الضمور المتنامي لتلك القيم والسلوكيات في مجتمعنا ما اكدته النتائج التي أثبتتها بعض الدراسات التربوية الحديثة كدراسة اجرتها الدكتورة نادية عمر ثابت عن القيم التربوية في المدارس السعودية حيث اشارت تلك النتائج الى ان القيم الاخلاقية عند الطلبة والطالبات قد احتلت المرتبة الثالثة عشرة من بين ستة عشر مستوى من القيم ولدى الهيئة التعليمية والهيئة الادارية احتلت المرتبة الحادية عشرة بين تلك المستويات ولكم ان تحكموا عن حجم ذلك الخلل الاخلاقي الكبير الذي نعيشه في مجتمعنا متمثلا في القاعدة المجتمعية العظمى وهي المجتمع المدرسي طلابا وهيئة وتعليمية وإدارية لكلا الجنسين وهنالك دراسات أخرى ابرزت مثل تلك النتائج السلبية لكن المساحة هنا لاتكفي لطرحها. وفي جانب السلوكات ايضا اثبتت الكثير من الدراسات الاجتماعية عن تدني مستوى السلوكات لدى طلاب وطالبات التعليم العالي والعام على حد سواء كدراسة طبقتها كلية الاداب بجامعة الملك عبد العزيز وكليات اخرى بجامعات اخرى وأعدتها وزارة الداخلية حيث بينت نتائج تلك الدراسة عن تنامي بعض السلوكات المنحرفة كتعاطي المخدرات بانواعها ومشاهدة القنوات الاباحية وتنامي حالة الرغبة في الانتحار وغيرها من السلوكات المنحرفة. وفي دراسة اخرى عن انحرافات الشباب بمحافظة جدة للدكتور مطلق العتيبي تبين نتائجها ان اكثر من ثلثي العينة ارتكبوا ثمانية انحرافات فأكثر من الانحرافات الممارسة داخل المنزل وعددها 20 انحرافا ، ويأتي في مقدمة تلك الانحرافات الانحرافات الاخلاقية وانتشار تلك الانحرافات داخل المؤسسات التعليمية حيث مارس اكثر من نصف العينة ذلك الانحراف داخل المؤسسات التربوية. ومما سبق يتضح لنا حجم المشكلة ودرجة تناميها بين افراد مجتمعنا وخاصة فئة الشباب الذين يعدون القاعدة المجتمعية الكبرى مما يستوجب ان تلتفت جميع الاجهزة الاعلامية والتربوية والتوعوية والدعوية لها وتعطيها جل اهتمامها. ومن هذا المنطلق اقترح ان يخص العام المقبل 1434ه عاما يحمل شعاراً وطنياً لتعزيز القيم والمبادئ والسلوكات المجتمعية من خلال تكليف كل تلك الجهات سالفة الذكر بوضع البرامج والأنشطة والفعاليات المجتمعية التي تخدم هذا المنحى الهام وتعزز تناميه الايجابي وان يكون ذلك العمل الوطني يحمل شعارا مسماه ((الدين المعاملة)) وكم اتمنى ان يتولى مجلس الشورى الموقر مهمة المتابعة والإشراف على التنفيذ للتحقق من مدى التزام المؤسسات التربوية والاجتماعية والإعلامية والدعوية والتوعوية بتنفيذ ذلك العمل الوطني الهام. وهنا اجزم ان ذلك التعزيز سوف يعود بالكثير من النتائج الايجابية على مختلف القيم والمبادئ والسلوكات الحياتية في مجتمعنا. والله من وراء القصد.