بين الحين والآخر يظهر على السَّطح من يحاول المساس بالمبادئ التي قامت عليها دعوة الشّيخ محمّد بن عبد الوهاب -رحمه الله- أو محاولة وَسْمَها بكلّ نقيصة ؛ لذلك سأرهن هذه المقالة بشهادات بعض الباحثين والمفكرين الغربيّين ، أنقلها من مضانها. * الشّهادة الأولى : في كِتاب (العرب وأوروبا ، ص 184–185) ل للمستشرق الألماني الفريد شليشت يقول (لويس يونغ) : (بدأ بعث الفكر الإسلامي في منتصف القرن الثالث عشر الهجري بظهور دعوة محمّد بن عبد الوهاب في نجد عام 1744م. وقد هاجمت الدّعوة الوهابيّة الانحلال الذي اعترى النّاس في ممارستهم للدِّين ، كما أدانت تقديس الأولياء ، والشّعائر التي أتى بها المتصوّفة ، وقد انتصرت هذه الحركة في مكان نشوئها رغم النَّكسات التي تعرّضت لها. وكان لفكرة العودة إلى تعاليم السّلف الأوّل أثرٌ عميقٌ في نفوس المسلمين أحدثته الدَّعوة الوهابيّة..). * الشّهادة الثّانية : وهي تعود ل(هاملتون كب) ففي كتاب (الاتجاهات الحديثة في الإسلام ، ص 54 – 55) لمحمد بهجة الأثري نقرأ له (.. كان للحركة الوهابيّة تأثير نافع ومجدد انتشر شيئًا فشيئًا في جميع أنحاء العالم الإسلامي وذلك في ميدان الأفكار بواسطة الصّراع والمقاومة الضّاريين الموجهين ضدّ جميع التّسربات العمليّة لميول التّعلّق بالإيمان بالأرواح ومفاهيم المذهب الحلولي الذي انتشرت عدواه في ذلك الوقت في قلب التّوحيد الإسلامي الصّرف. إلاّ أنَّ العنصر المحرّك للمذهب الوهابي بقي خلال القسم الأكبر من القرن التّاسع عشر محتجبًا وراء صفته الثّوريّة ، فأعطى المثل في الثورة ضد الحكومة الإسلامية الضّالة وتبع هذا المثل بحماسة شديدة في جميع البلاد الأخرى التي وقعت حكوماتها الإسلاميّة بشكل مفضوح تحت سيطرة أوروبا ونفوذها وكان مصدر إلهام في القرن التّاسع عشر للعديد من الحركات.., (...) كما امتدّ نفوذ الدّعوة الإصلاحيّة السّلفيّة التي قام بها الإمام محمّد بن عبد الوهاب إلى قلب الأقطار البعيدة مثل نيجيريا وسومطرة .. وعلى الرغم من أن محاولات العمل السياسي هذه انتهت جميعًا إلى الفشل إذا نظرنا إليها من الخارج ، لكن نتائجها كانت متينة راسخة في المحيط الدِّيني إذ نشرت في كافة أرجاء البلاد الإسلاميّة ، المبدأ الوهابي القائل بضرورة التّعلق بالصفاء المذهبي وإعادة تأكيد المبدأ السّنّي القرآني لا على شكل التّبشير ونشر قواعد المذهب ؛ ولكن بنشر متطلبات الإيمان الإسلامي لدى الجماهير الإسلاميّة والإشارة إلى الأخطار التي تهدّده..). * الشّهادة الثّالثة : في كتابٍ لمحمود شلتوت بعنوان (العقيدة والشّريعة في الإسلام ص 283- 284) يقول كولد تسيهر : (إنَّ المسلمين .. ممّن ناصروا الإمام محمّد بن عبد الوهاب في دعوته ممّن تدفعهم الغيرة الدِّينيّة لتطهير الإسلام مما علق به من الشّوائب ، ليجدون في الإسلام ميدانًا رحيبًا للعمل والإنتاج .. وقد شاهد الإسلام في الهند منذ قرن حركات دينيّة من هذا القبيل. فدعوة الشيخ محمّد الإصلاحيّة انتشرت تعاليمها وانبعثت من بلاد العرب حتّى بلغت هذا القطر الإسلامي. وأنَّ ما يهيئه الحج إلى مكة من فرض الاختلاط والاتصال بين المسلمين ، لمّما يعمل على إيقاظ الهمم الدِّينيّة في نفوسهم ، وتوجه الأماني التي تجيش بها قلوبهم ، وعلى السّعي لتحقيقها في الأقطار الإسلاميّة النّائية).