تباينت الحظوظ العربية للفرق المشاركة بكأس الأمم الأفريقية 2012 بغينيا الاستوائية والغابون ، ما بين نصف مودع (ليبيا والمغرب) ، ونصف متأهل (تونس والسودان) ، ففي الوقت الذي عقد فيه الجميع الآمال على المنتخب المغربي ورشحوه للقب ، خاصة لغياب فرق من العيار الثقيل قاريا ودوليا ، منها البطل المعتاد مؤخرا المنتخب المصري ، ونيجيريا والكاميرون وجنوب أفريقيا والجزائر ممثل العرب الوحيد بآخر كأس عالم 2010 ، وجميعها فرق مؤثرة بالطبع بالشكل الذي يمكن أن أصف من خلاله البطولة بالضعيفة والهشة وصعبة الهضم جماهيريا (كالفاست فود) تماما ، وهذا رأيي مع احترامي للبقية!! .. لم ينجح (أسود الأطلس) بقيادة غيريتس [الذي (خطفوه عنوة) من الهلال بغية الإيقاع باللقب القاري ولكن..!] في تخطي الدور الأول ، وحقق نتائج مخيبة خاصة في ديربي شمال أفريقيا أمام تونس ، وكانت أغلبية الإسقاطات (غيريتسية) الهوى والهوية ، ولعلها ضريبة تخلي الأخير عن مهامه في تدريب الهلال وتوجهه سرا للتوقيع مع المغاربة ، وهي الخيانة المشروعة المعهودة في زمن الاحتراف وسوق الانتقالات وتبعاتهما..! تونس الخضراء كان دربها أخضر للدور ربع النهائي ، وانتقلت مصطحبة معها السودان كأبرز الأنباء العربية المبهجة من أفريقيا ، فالصوت العربي ثنائي حاليا بالبطولة السمراء!.. تونسيا المسألة اعتيادية وشبه مألوفة كتأهل ووصول أبعد ، لكنني أعجبت وعجبت من إبداعات وتحديات المنتخب السوداني الذي انتصر على إمكانياته ومحلية عناصره وريعان شبابه المفرط بالحيوية مع قلة الخبرة بالموازنة مع الأقران كأسماء نجومية صيت واحتراف (وملايين الدولارات) وكسمعة فرق بالمونديالات العالمية!! أما المنتخب الليبي الذي يقوده المعروف حد الاستهلاك شرق أوسطيا ، خاصة لدينا سعوديا على مستوى الهلال والمنتخب ، البرازيلي ماركوس باكيتا ، فقد خرج مودعا من بدايات العهد رغم الفوز التاريخي على السنغال 1/2 ، وإن كنت ألتمس العذر لليبيين بالخروج المبكر عطفا على ما شهدته بلادهم من صراعات وأحداث داخلية كان لها تأثيرها السلبي على تحضير وإعداد ونتاج المنتخب ، وفي الاتجاه ذاته أرى أن تختصر الفرق التي هي من هذا النوع المسافة والزمن على نفسها وتعتذر عن عدم مشاركة ليست مجدية ومخيبة للآمال ، وتزيد السوء سوء!! .. ولكن!.. وفي الاتجاه ذاته ، ولكن كتطويع وقفز أفضل على الظروف والأوضاع الداخلية الثورية والشعبية ، استطاع المنتخب التونسي قهر الأحداث ورسم البسمة والحبور على شفاه التوانسة والعرب في كل مكان ، ومع أنني ضد تسييس الرياضة فإن ترويض السياسة مهم أحيانا خاصة باتجاه الإيجاب بالشكل الذي يخدم المصلحة العامة!.. أنقل المحور تقريبا للمسافة والانقطاع والتجميد الذي انتهجته الكرة العربية لتحدث شرخا في منافساتها العربية - العربية. يا سادة ويا مسؤولين ، أعيدوا النظر في منافساتكم .. حركوا المياه الراكدة في محيطها لترتقوا قاريا وتزيدوا فرص المشاركة العالمية بالمونديال .. (والله) إنها لمتتالية ومنظومة تتابعية صدقوني! أعود لحلم السودان الذي امتد مسافة زمنية قدرها 42 عاما ، وفي الآخر تحقق على أقدام شبان لم تتجاوز معدلات أعمارهم 24 سنة ، وبطاقم محلي أبهروا الجميع وتأهلوا لينتصروا للفكرة (الجهنمية) السودانية التي انطلق منها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ، وتحديدا لعبد الحليم محمد الذي منحه الاتحاد رئاسته الفخرية مدى الحياة! تلك هي كرة القدم ، واقعية وعادلة بما فيه الكفاية لتخدم حلم السودان ، ومحايدة وموضوعية لتقف ضد الغرور والعنجهية وتخذل المغرب .. إنها دروس عابرة!.. أعيد وأكرر أعيدوا النظر في المنافسات (العربية) أرجوكم ، وسترون بكم لهجة سنخاطب الأقران المونديال القادم 2014.