استَبَقَت جامعة الملك خالد الامتحانات النهائية للفصل الثاني ، بإلغاء عقود عضوات هيئة تدريس في عدد من الكليات. وجاء في الخبر الذي نقلته الشرق (18/5/2012) على لسان وكيل الجامعة لكليات البنات أن إلغاء العقود يعود إلى: (وجود أخطاء في التصحيح) و (وجود معدلات رسوب) و (معاملة الطالبات بشدّة مفرطة). والمعنى الإجمالي لذلك يعظِّم الرسوب ويقوِّي سببيته ، بحيث يغدو ذكر غيره من الأسباب تكراراً لمعناه. فالشدّة المفرطة ليست إلا وصفاً لما يكون ناتجه الرسوب ، والخطأ في التصحيح -وهو خطأ يمكن أن نفهمه ، مبدئياً ، بقدر متساو بين الترسيب أو التنجيح لمن لا يستحق- هو خطأ في الرسوب لا في النجاح ، بسبب اندراجه في سياق السببين الآخرين ذكراً وموضوع شكوى. وإذا كان الأمر كذلك فإن هذه الأسباب تقول غير ما تعني. فالمعنى الذي يلزم عن النص عليها -وهو ما لم تقصده الجامعة بالتأكيد- هو طلب تنجيح الطالبات والتيسير عليهن. وهو معنى خَطِر على مستوى التأهيل الذي تأسَّست الجامعة واعتُمِدَت شهادتها من أجله ، وعلى الصدقية في مؤهلات الجامعة. لهذا أعتقد أن وكيل جامعة الملك خالد أخطأ بإعلانه هذا القرار خطأً لا يقتصر ضرره على كليات البنات في جامعته وإنما يتعداها ليعم جامعاتنا كلها بنين وبنات. فيصبح رسوب الطالب على إطلاقه نذير سوء على الأستاذ ، ولن يؤثر جل الأساتذة وجع الدماغ على السلامة ومشتقاتها! إن رسوب الطلاب -ونجاحهم أيضاً- شراكة عوامل مختلفة ، لا تبرأ الجامعة والكلية والقسم المختص منها ، مثلما لا يبرأ الطالب والسياق الاجتماعي والعملي. وتحميل الأستاذ كامل وزر الرسوب أو جميل النجاح اجتزاء مسرف! فتوصيف المقررات وتحديد مفرداتها بوضوح والنص على كتاب تدريس Textbook أو تأليفه بما يحقق هدف المقرر وتوصيفه ، والاطلاع على نماذج الأسئلة لتجنب الإلغاز والمخادعة فيها أو خروجها عن التوصيف المحدَّد ، والاشتراط في قبول الطلاب مستوى كفاءة تحصيلية مناسب ، وبذل الجهد في اختيار الأساتذة المؤهَّلين ... الخ هي من صميم مهام الأقسام والكليات والإدارات المختصة في الجامعة ، وهي تعني أن المقرر يحقِّق تأهيلاً معرفياً ومهارياً معيناً ، بحيث يغدو رسوب الطالب وصفاً لعدم تمكنه من الحد الأدنى للتأهيل فيه. وبالبداهة فإنه لا دلالة للنجاح إن لم يكن هناك إخفاق ورسوب ، ولا معنى للتفوق إن كان الجميع فائقين. لكنني أعتقد أن أحداً لن يماري في تصاعد الشكوى من تواضع مستويات طلابنا خصوصاً في الأقسام النظرية ، وهي شكوى نسمعها في الجامعات وفي قطاعات العمل على حد سواء! ومن هنا فإن إثارة مشكلة النجاح المجاني وليس الرسوب هي الأَوْلى والأهم ، فلا أحد يشتكي لأنه نجح دون استحقاق. أما أسباب هذا النجاح المجاني فهي مبثوثة في مراكز خدمات الطالب التي يتم في بعضها إعداد ما يُكَلَّف به الطلاب من بحوث وتطبيقات وتحليل وأحياناً ما هو أدهى، وفي تلك المذكرات الهزيلة التي تختصر المختصر ، وأخيراً في مؤدَّى مثل هذا الخبر الذي يعلن إلغاء عقود الأستاذات بسبب رسوب الطالبات!