رغم أن قتلى سورية لم يتركوا في أعيننا دمعاً لفقيد ، إلا أن عيون سورية دمعت عنا بالنيابة وهي تحمل جثمان الممثل العربي الكبير خالد تاجا إلى مقابر امتلأت. سورية الآن لا وقت لديها لتوديع ممثل ، هي مشغولة باستقبال الحرية ، تلك الحرية التي مات خالد تاجا دون أن يراها تمشي برجليها فعلاً في سورية. ميزة الفنان خالد تاجا أنه يصلح أن يكون بديلاً لأيّ فنان في أي دور ، لكن لا يمكن لأي فنان أن يكون بديلاً لخالد تاجا. في الكوميديا جعلنا ننسى دريد لحام ، وفي التراجيديا جعلنا نشك أن هناك ممثلين عربا مثلوا التراجيديا ، وفي التاريخي والسِيَري جعلنا ننسى سالم الزير وكليب وجساس ، ونلتفت إلى شخصية غير محورية في سيرة أبوليلى المهلهل الشهيرة والمعروفة ، فصرنا كلنا منجذبين لابن عباد وفرسه النعامة. في مسلسل الزير سالم ، يستحق خالد تاجا أوسكار أفضل ممثل درامي عربي ، لكن مشكلتنا العربية أننا نٰكرم مبدعينا بعد أن نتأكد من الأطباء أنهم ماتوا! بشعره الأشيب وملامح وجهه الدمشقي ، وصوته الأجش ، وأدائه التمثيلي الأسطوري ، يدخل حسب تصوري ، في قائمة أفضل عشرة ممثلين مروا على تاريخ الدراما العربية. هناك شبه كبير بين الوضع الحزين الراهن الآن في سورية وبين ملامح خالد تاجا التي تخفي صرامتها وافتعالها الواضح للمرح أحياناً .. حكاية طويلة من الحزن , ولا غرابة أن يحمل وجه الابن شيئاً من وجه أمه سورية الحزينة المُحزنة. ينام الفنان الكبير خالد تاجا ، بين قبور آلاف النساء والشباب والأطفال من شهداء ثورة سورية ، فيتشابك الدمع فيما بينهم ، إلى حد أنك لا تدري ، هل تبكي أم تتأمل بصمت أم تكتب أم تنهي المقال وفي فمك لتران من الماء. انتهى المقال ولم ينته خالد تاجا.