مرت سنة على إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ، وبهذه المناسبة السعيدة نود أن نقول لها ونظرة التفاؤل تشع من أعيننا (سنة حلوة) ، هذه السنة التي استثمرتها الهيئة في نشر الإعلانات الإرشادية في الصحف اليومية ، من أجل أن توضح لعامة الناس أوجه الفساد المختلفة ، وذلك للحد من وقوع مثل هذه الجرائم من جهة ، ومن جهة أخرى لتحقيق العلم بالنظام لدى أفراد المجتمع بحيث تنتفي الجهالة به ويصبح كل منهم مسؤولا عن الجريمة المنسوبة إليه ، وقد حرصت تلك الإعلانات على أن تعدد بعضا من أوجه الفساد ومنها: انتهاك أي من القواعد والضوابط التي يفرضها النظام ، واستغلال ممتلكات الدولة في غير ما خصصت له ، واستغلال السلطة الوظيفية لتحقيق مكاسب شخصية ، مهما كانت. تظل مثل هذه الإعلانات الإرشادية ، مهمة لبعض الأنظمة أو الأفعال أو التصرفات التي يمكن أن تخفى على الناس بيد أنه إذا ما احتكمنا للواقع الذي نعيشه ، فإنه لا يوجد من بيننا أحد لا يعرف ماهية الفساد المالي والإداري وما هي أنواعه ، فمن منا لم يكن يتساءل باستغراب عن سر تفاقم أضرار كارثة سيول جدة لعامين متتالين ؟!. ومن منا لم يكن يتساءل باستغراب عن سر التداخل الحاصل بين صكوك الأراضي ؟!. ومن منا لم يكن يتساءل باستغراب عن سر تأخر ورداءة تنفيذ الأشغال والمشاريع العامة ؟!. ومن منا لم يكن يتساءل باستغراب عن سر امتلاك موظف عام من ذوي الدخل المحدود لأرصدة ضخمة وفيلا فاخرة وسيارة فارهة ؟!. ومن منا لم يكن يتساءل باستغراب عن سر استمرار إقامة بعض الجهات والمدارس الحكومية بعمائر مستأجرة ؟!. وأخيرا: من منا لم يكن يتساءل عن كل ذلك في العلن وهو يعلم في سره ما هي أسباب الخلل !؟. الآن يا هيئة مكافحة الفساد انتهت (السنة التوضيحية) ويفترض أن عامة الناس سواء صغيرهم أو كبيرهم أصبحوا على علم ودراية تامة بأوجه الفساد ، الآن يا هيئة مكافحة الفساد بات لزاما عليك البدء فعليا في ممارسة المهام والأعمال التي أنشئت من أجلها ، وكلنا ثقة في أنك ستكونين بمشيئة الله على قدر الأمانة والمسؤولية المناطة بك ، يدعمك في ذلك (تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد) الذي نص صراحة على أن (ترتبط الهيئة بالملك مباشرة، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال التام ماليا وإداريا بما يضمن لها مباشرة عملها بكل حياد ودون تأثير من أي جهة كانت وليس لأحد التدخل في مجال عملها) ، ويدعمك في ذلك تأدية موظفيك للقسم الوظيفي وما تم اعتماده لهم من بدلات ومميزات مالية غير مسبوقة ، ويدعمك في ذلك أيضا عزم أفراد المجتمع على الاستجابة الفورية لمطالبك المتمثلة في الإبلاغ عن مشاهداتهم حول جرائم الفساد.. وما نحلم به يا هيئة مكافحة الفساد ، أن نأتي في نهاية السنة الثانية من إنشائك ، لنلمس تقدمك ونجاحك، ونحن نصفق ونردد بكل فرح وسرور: سنة حلوة يا جميل .. سنة حلوة يا أمين .. (وعقبال ألف عام بعيدا عن الفساد).