اجتمع بأصدقائه ، وبدأ يخبرهم عن مشروعه الخيري وحلمه ، بإنشاء جمعية تطوعية ، تعنى بأمور النظافة ، وبحماسة شديدة استرسل بالتفاصيل ، واخبرهم عن برنامجه التوعوي الضخم ، وشرح أثره على المجتمع ، وعن رغبته بالتنسيق مع أعضاء الجمعية (المراد إنشاؤها) والخروج جميعا لتنظيف احدى المتنزهات العامة ؛ بهدف نشر ثقافة النظافة لدى المُتَنزِهين ، والحث على عدم إلقاء المخلفات بالأرض. وبدأ حماسه يلقى إعجابا واهتماماً أظهره تحديق أعينهم به ، وكلما تعمق أكثر بالتفاصيل ، ازدادوا اقتناعا بالفكرة وفي ذروه حماسته قاطع أحدهم حديثه مشتتاً أذهان المنصتين ، وقال باستخفاف : (مصدِّقْ انتْ!؟) صمتوا قليلا ، وابتسم البعض ، وأطلق البعض الآخر الضحكات ، وانتهى بذلك المشروع ، ومات الحلم عند تلك المحادثة وذلك الاجتماع. شيء مؤسف .. ولست هنا لأتحدث عن مشروع التوعية بالنظافة (رغم أهميته) إنما أتحدث عن (مصدِّقْ انتْ!؟) وعن المُحبِطين الذين أفشلوا هذا المشروع ويُفشلون الكثير غيره وعن الطموحات الكبيرة التي انتهت باستهزاء زميل ، أو تقليله من شأن فكرة ما ، بنوايا حسنة في بعض الأحيان وبعكس ذلك في أحيانٍ أخرى يقول طه حسين -رحمه الله- في (وصفه الخالد) كما اسماه غازي القصيبي -رحمه الله- : (إن الذين لا يعملون ، يؤذي نفوسهم أن يعمل الناس). (مصدق انت!؟) وأخواتها من العبارات المحبطة ، هي عود الثقاب الذي يحرق طموحاتك وأحلامك ، ويحولها إلى رماد تذروه الرياح .. قبل أن تصغي لمن يقولها لك .. اسأل نفسك ، أو اسأله هو .. لم لا؟ وإن لم تجد ما يمنع نجاحك سوى الخوف من الفشل , فأجبه .. (نعم .. أنا مصدق) برأيي .. إن التعايش مع فشل التجربة أقل قسوة بكثير من العيش بعباره (كان بإمكاني ولم أفعل) الخطوة الأولى دائما هي الأصعب ؛ لأن فيها كسر للحواجز والقيود ، وإخراس لألسن المحبطين الذين لا يقولون خيراً ولا يصمتون. (ولا يهون الإحباط الداخلي) فهو أول الألسنة التي يجب إخراسها .. أعتقد أن أي كاتب , مصور , باحث , مبتكر , رسام , مصمم أو أي حالمٍ طموح , أراد ان يضع لنفسه بصمة ما , واجه مثل هذه الجملة المحبطة ثق بأفكارك ولا تنتظر الكثير من الدعم من غيرك .. وادعم نفسك وتذكر أن العمل عبادة يقول تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) التوبة 105 سؤالي لك. كم فكرة وأدتها في مهدها وتخليت عنها لأن شخصا محبطاً ما لم يقتنع بها؟ ابحث في ذاكرتك جيدا ثم اجب