نشرت الحياة (3 فبراير) خبرًا صغيرًا عن دعوة باحثين أمريكيين إلى وضع السكر في قائمة المواد الخطرة جدًا على الصحة ، وإلى ضرورة تشريع بيعه بإحكام شأنه شأن التبغ والكحول. وقال باحثون في جامعة سان فرانسيسكو (وهي من الجامعات الرائدة في الطب والعلوم الصحية) إن السكر المضاف إلى المواد الغذائية المعالجة والمشروبات الغازية وغير الغازية مسؤول عن كثير من حالات الإصابة بالأمراض المزمنة والموت المبكر. وقالوا إن عدد حالات الوفاة الناتجة عن هذا (الأبيض) الخبيث تبلغ سنويًا 35 مليون حالة على مستوى العالم ، ليست كلها محصورة في أمراض (السكر) وحده ، وإنما بسبب ما تؤدي إليه كثرة استهلاك السكر مثل (السمنة) وتغير (الأيض) في الجسم ، وارتفاع ضغط الدم ، والتأثير السلبي في التوازن الهرموني والإضرار بالكبد. وأما الذين لا يموتون في عامهم هذا ، فهم حتمًا يعانون من إشكالات مفزعة قبل حلول الموت في أعوام مقبلة .. بدءًا بالسمنة المضنية وانتهاء بالعلل المزمنة ، أي أنها حياة ليست نوعية في مضمونها ، بل هي كمية في أيامها ولياليها .. أعوام تمضي وتعاسة بدنية تتراكم. والأمريكيون حتمًا هم أصل الداء في نشر الأغذية المعالجة (المسكرة) ، كما هم السابقون كذلك في ترسيخ ثقافة الوجبات السريعة المشبعة بالدهون والنشويات التي لا تقل ضررًا عن الأغذية (المسكرة). والحال في بلادنا مخيف كذلك، فعاداتنا الغذائية سيئة ، وتشتد سوءًا عند اقترانها بعاداتنا الاجتماعية التي ترسخ مفهوم الكرم عبر تقديم وجبة دسمة زاخرة بالدهون والسكريات في وقت متأخر من الليل. لكن هل ستغني هذه (التحذيرات) المروعة عن خطة وطنية محكمة، للتخفيف من الاستهلاك المرتفع للسكر في بلادنا ؟! وهل ثمة بدائل مناسبة تحول دون الاستغراق في (دباديب) هذا المطحون الأبيض ؟! أعلم أن (لوبيات) المتضررين من تقليص كميات السكر المستهلكة لن يعجبها هذا (الهذار) ، وستعلن أنه من كلام (الكفار) وهرطقة (الفجار) فلا مكان له في مطعم ولا دار. وإلى الله المشتكى.