ليست المجاعة هي وحدها مصيبة أهلنا في الصومال ، بل هي واحدة من مجموعة مصائب يرزح تحت وطأتها هذا الشعب المنكوب ، فهذا الشعب يعيش منذ أكثر من عقدين من الزمن بلا حكومة مركزية وتحت حروب طاحنة تدار بأصابع خارجية ، وأصبح الشعب شريدا طريدا رغم موقعه الإستراتيجي بثرواته الكثيرة. ومع هذه المجاعة والحروب يكتمل ثالوث المرض والجهل والفقر. إن أكثر من أربعة ملايين إنسان يتعرضون لخطر الموت وهم يفترشون الأرض الغبراء ويلتحفون السماء الشهباء. إن أطفال الصومال يموتون يوميا بالمئات ، ومازالت المساعدات أقل من الطموح. لقد أحرجنا أطفال غزة الجوعى وهم يجمعون التبرعات لإخوانهم في الصومال ، كأنهم يمتثلون قول الله تعالى ((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)). يا أهل الخير في شهر الخير فضوا لنجدة إخوانكم ، ارحموهم كي يرحمكم الله. ولا يجوز أن يموت أطفال الصومال جوعا ونحن نموت من التخمة. إن عام الرمادة في الصومال لابد أن ينتهي. ولنتذكر أننا في شهر الجود الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الناس. ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه. وعلى الجهات الخيرية أن تضاعف جهودها وآلياتها وصولا لهدف أن يصلوا بأسرع وقت إلى المتصدق وبأسرع وقت إلى المحتاج في ظل شفافية ووضوح تقطع الطريق على كل التخرصات. والسؤال : ماذا يجب أن نصنع؟ والجواب: نصنع كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف. عن جابر بن عبدالله قال ((كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدر النهار ، قال فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف ، عامتهم من مضر ، بل كلهم من مضر ، فتمعر وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رأى ما بهم من الفاقة ، فدخل ثم خرج ، فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة..) إلى آخر الآية (إن الله كان عليكم رقيبا) ، والآية التي في الحشر (اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله..) . تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره ، حتى قال ولو بشق تمرة ، قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت ، قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتهلل كأنه مذهبة ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)) رواه مسلم. لكم الله يا أهل الصومال.