جهود مشكورة تبذلها شركة المياه الوطنية ولا خلاف على ذلك. آخر هذه الجهود تُوجت بحفل تدشين مشروع منظومة الصرف الصحي في جدة برعاية سمو أمير منطقة مكةالمكرمة. ولعل أكبر ما يميّز أنشطة الشركة التزامها درجةً عاليةً من المهنية والحرفية ، ربما لأنها بدأت (صحّ) ، وبالاستعانة بخبرات أجنبية وُضعت توصياتها موضع التنفيذ ، ولم تُركن في درج ما في خشم ما ، كما هو الحال في شركات كثيرة تبدأها جهة حكومية بطريقة تقليدية بحتة ، وتستمر كذلك متخبطة في قراراتها متضاربة في أفعالها. ومع ذلك فلا شيء يمنع من توجيه شيء من النقد (البناء) على حد (زعمي) إلى الشركة التي نعتز بها جميعًا ، فذاك شيء من الملح اللازم لإنجاح أي طبخة. حديثي عن (الماء) ، أحد المهمتين الرئيسيتين للشركة ، الماء الذي غاب عن أنحاء من جدة طوال شهر ذي الحجة الماضي ؛ وبسبب غيابه طالت ساعات انتظار (وايتات) الماء التي نسيناها لشهور طويلة توفّرت خلالها المياه بصورة مستمرة. أحد أهم الأعذار المتداولة هو تحويل كميات المياه المحلاة المنتجة من محطات الشعيبة إلى المشاعر المقدسة ومكةالمكرمة ، لتلبية احتياجات ضيوف الرحمن من المياه. ولا بأس في ذلك ، بل هو حق واجب ، لكن الإشكالية تنحصر في أمرين : أولاهما عدم الإعلان بوضوح عن جدولة قطع المياه عن الأحياء المتضررة حتى يتم ترتيب البدائل المناسبة ، فالبعض فوجئ بالانقطاع ذات صباح عن (المواسير والصنابير) وكذلك عن المواتير الدافعة للماء و (الساخنة) حد الاحتراق أحيانًا. من أصول الاحترافية العالية إحاطة الناس مبكرًا حتى لا يُؤخذوا على حين غرة كما حدث هذه المرة. أما الأمر الثاني فهو طول المدة التي احتجبت فيها المياه عن بعض أحياء جدة ، إذ إن موسم الحج لا يزيد عن أسبوع أو 10 أيام ، وكل الحجاج لا يزيد عددهم عن عدد سكان جدة ، واستهلاكهم ينحصر في الأساسيات لا كما في البيوت المستقرة حيث الاستحمام والتنظيف والنفخ والطبخ. ليت الشركة الموقرة تعلل لذلك بوضوح حتى تقنع عملاءها الكرام ، وحتى تكون فعلاً نموذجًا جيدًا للمهنية العالية والاحترافية الممتازة. وسامحونا .. فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.