هذه المقالة ما عاد ينفع معها التنضيد والترتيب ، وما عاد ينفع معها إلاّ الحروف الساخنة الساخرة لمَن في قلبه حبّة خردل من وطنية وشفقة وخوف من الله. ولذا هرولت حروفها مسرعة على نظام التغريدات التي لا تنتظر التدبيج. • من الغرائب والمضحكات المبكيات أن اسم المدرسة (براعم الوطن) .. فهل هكذا نحمي براعم الوطن؟! • كيف -يا ترى- سأرسل أولادي لمدارس لا يوجد فيها أدنى علامات السلامة؟! • هل وزارة التربية (لا تربي) الأطفال على السلامة؟! • إذا كان الحل وراء كل حادث حريق تشكيل لجان لا نتائج بعدها ، فأنا بدوري أدعو لتشكيل لجنة تدعو على الفساد والمفسدين. • لست متحمّسًا للنظر في نتائج لجنة خبراء الحريق ، ولكنني حزين على عدم وجود طريقة لخطة طوارئ موجودة في المدن المحترمة! • في الدول المتقدمة تعتبر مسألة قتل الأطفال والمعلمات قضية جنائية ، تسقط وزراء وإدارات بأكملها! • سمعنا بوصول خبراء من الرياض بعد حريق المدرسة .. فهل لا يوجد في جدة خبراء حريق؟! • هل تتذكرون حادثة حريق مدرسة مكة قبل سنوات ؟ ما الجديد ؟ وما الفرق بين الأمس واليوم ؟.. الجواب: نفس الكلام ، نفس الأسباب ، نفس الصور ، نفس التقارير ، والنتيجة عزاء لأداء الواجب! • (يا خوفي) أن يتم محاسبة المسؤولين (كائنًا ما كان) ، فقد نضطر للانتظار أكثر من سنتين! • يظهر أن (الأحزان قدرنا) في مدينة جدة .. كل عام في هذا التوقيت تُضاف إلينا مصائب جديدة ، هي من أقدار الله ، ولكنها بما كسبت أيدي العابثين! • لماذا كلّما حلت مصيبة نكتشف أن هناك حلولاً موجودة ، ولكنها حبر على ورق ؟! • أيُعقل أن تنقذ المعلمة (ريما النهاري) فصلاً بكامله ، ثم لا تجد سبيلاً لإنقاذ نفسها إلاَّ بالقفز من النافذة ؟! -رحمها الله-. • لستُ أدري هل نعزّي أهالي شهداء (براعم الوطن) ، أم نعزّي وزارة التربية على عدم وجود نظام آلي للطوارئ ؟! • إننا حين نصطحب أطفالنا لشراء حذاء ، ولا نجد المقاس لأحدهم ، لا نطلب منه تغيير قدمه ، بل نواصل البحث لنجد حذاءً مريحًا يناسب قدمه. وفي التعليم أنظمة وطرق قديمة تحتاج إلى تفكيك وتغيير! • ويبقى (شباب جدة) الجنود المجهولون في العمل التطوعي لخدمة الناس ، ونصفهم لا يلقى جامعة تليق به! • قبل شهرين صرخت في برنامج (لقاء الجمعة) إذا كان القُضاة ينالون أرفع الدرجات ؛ لأنهم يحمون أمن البلاد ، ونزاعات الناس ، فالواجب أن ينال المعلمون والمعلمات مثل رواتبهم ، لأنهم الأساس والضمان لحفظ دين الناس ، وأعراضهم ، وأمنهم ، وفكرهم ، ولكن (ريما النهاري) وأخواتها المعلمات تنقضي سحابة يومهم براتب ألفي ريال شهريًّا! • أين القنوات الفضائية التي تستدعي بناتنا وشبابنا في (ستار أكاديمي) ، و (سوبر ستار) ، وكأننا في بلد جاف العاطفة ، لم لا يعرضون الصورة المشرقة لفتيات البلد ، اللواتي حُرقن حماية لأطفالهن ؟ • هل (الأمانة) اسم لمبنى ، ومن رعاياها مَن لم يؤدِّ الأمانة ، أم (الأمانة) معلمة تؤدّي واجبها ولو على حساب حياتها؟! • إذا ضحك المولى جل جلاله ، وعجب من المرأة وزوجها ، الذين آثروا أخًا لهم بطعام أولادهم ، فنزل قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) [الحشر: 9] ، فكيف بمَن آثر غيره على حياته ، وذاق الموت عشرات المرات حتى اطمأن على سلامتهم ، ثم لاقى الموت لوحده؟ وبعد: أيّتها المربيتان الشهيدتان (ريما النهاري وغدير كتوعة) .. سلام عليكما ، وقدمتما خير مقدم -بإذن الله- إلى رب كريم. إنني كنت معكما ، نعم كنت معكما ، سمعت صوتكما وأنتما تصرخان منذ اندلاع الحريق بحثًا عن (مطافٍ للحريق) فلم تجدا! أسمعكما ، وأنتما تكتمان اللوعة والحسرة على نظام وزارة التربية ، الذي (لا يربي) على السلامة! أسمعكما وأنتما بين رفع الصوت عسى مَن يجيب ، وبين خفضه حتى لا يُصاب تلاميذكم ، لا .. بل أبناؤكم بالذعر. أراك يا (ريما النهاري) حائرة ، هائمة ، تذرعين (السيب) ذهابًا وجيئةً ، هنا لهب ، هناك دخان ، ها هنا طفلة تصرخ ، عند النافذة فتاة تريد أن تكسر الحديد لترمي بنفسها. أراك .. نعم أراك تبلعين الموت ، وتتجرعينه ، وتهضمين أنفاسك بالزفير لا بالشهيق! أراك تمسكين هذه ، وتدفعين تلك ، وتحملين ثالثة ، ورابعة. أسمعك تصرخين: من هنا يا بنات ، لا بل من هنا ، تعالي يا بنت ، خلاص يا حبيبتي. أراك تسرعين أكثر من العدَّائين ، وتعملين أقوى من المجاهدين ، فقد قررتِ أن يعيش أبناؤك أولاً. أسمع نبضات قبلك ، أرى وجهك الشاحب ، أشعر بنفَسك الأخير. أرى السواد وقد كسا كل المكان ، وأغلق كل المنافذ ، وما عدت تخافين أن يؤنبك الضمير ، بعدما أرسلت كل بناتك متدثرات (بمريول الدراسة) إلى طريق الأمان. والآن ما عاد الطريق آمنًا ، فحاولت ، وطار بك المَلك إلى عالم الملكوت -بإذن الله-