يشكو مراجعو كتابة عدل مكة الأولى من معاناتهم المستمرة مع الأنظمة والإجراءت التي تنفرد بها هذه الإدارة ، رغم تطور العمل والأساليب في مثيلاتها ببقية المناطق ، فالعاملون بهذه الإدارة حتى الآن لم يتمكنوا من استخدام الحاسب الآلي ، بل إن مظهر صالات الانتظار في قسمي الإحالة والسجل ، وهي تغض بالمراجعين الذين لا يجدون مقاعد كافية ، ولا تكييفًا مناسبًا يشعرك بأنك في بلد غير السعودية ، فهم يعانون الأمرّين ، إذ لا يوجد سوى موظف واحد في قسم الإحالات يخدم آلاف المراجعين بسجل يدوي تقليدي واحد ، ويسهم في تكدّسهم بالممرات ، والسلالم. أمّا في قسم السجل ، فالمعاناة لا يمكن تخيّلها -كما يرويها مراجعو هذه الادارة- بدءًا بسوء التعامل ، وانتهاءً بطريقة استقبال ومعالجة المعاملات ، حيث يتم استقبالها على دفعات ، ثم تراجع في مدة تستغرق ساعتين في المتوسط ، وتوزّع جماعيًّا ، في حين يفترض أن تسلم لأصحابها أولاً بأول ، حال الانتهاء من كل صك بمفرده ، كما أن القسم يفتقد لوجود تنظيم رقمي إليكتروني لتحديد أرقام المنتظرين ، والقضاء على ظاهرة تمرير معاملات بعينها في زمن قياسي على مرأى من المراجعين. ومن ما ينتقده المتعاملين مع هذه الإدارة عدم انضباط بعض كتّاب العدل ، وتأخّرهم في الحضور ، ومغادرتهم مبكرًا ، بل إن أحد كتّاب الدور الرابع لا يحضر إلى مكتبه طيلة شهر رمضان إلاّ بعد صلاة الظهر ، رغم شكاوى المراجعين المستمرة لرئيس الدائرة ، وعلى منواله يقتدي عدد آخر من كتّاب الضبط بمنهجه. ففي الدور الثالث يوجد عشرة شبابيك ، لا يوجد بها سوى ثلاثة كتّاب يخدمون جميع كتّاب العدل في الإدارة ؛ ممّا يحعل التكدّس يصل إلى مداه ، والتأخير يستمر من الصباح الباكر حتى آخر دقيقة من الدوام وبعضها تؤجل الى الغد بمزاج رئيس كتاب الضبط. في حين لا تسلم الصكوك لأصحابها إلا بعد شهر من الافراغ! في نظري أن واقع الحال يستدعي تدخل معالي وزير العدل ، الذي عُرف بحرصه، ومتابعته ، وإصراره على تطوير الأداء في كتابات العدل والمحاكم ، وأتمنى من معاليه أن يقوم بجولة مفاجئة لكتابة عدل مكة اليوم ليطّلع بنفسه على التعقيدات والفوضي والتسيب ، ومعاناة الناس التي تحتاج إلى مَن يوقفها ، فأقل ما يُقال عن هذه الإدارة إنها تعيش خارج الزمن ، وما يحدث فيها يُمثِّل صورة سلبيّة تشوّه مشروع تطوير المرافق العدلية الذي اطلقته القيادة الرشيدة لتحسين الأداء وخدمة المواطنين.