لقد بلغ السيل الزبي ، وجاوز الظالمون المدى. هكذا أقرأ شخصيًّا فحوى الكلمة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين لسوريا ، التي دفعت بألوف الشهداء في مواجهة آلة القمع الوحشية الفتّاكة ، التي لم تفرّق منذ اللحظة الأولى بين سوري وسوري ، فحصدت أجساد الأطفال ، كما حصدت أجساد الكبار ، وفتكت بالإناث ، كما فعلت بالذكور ، إنها عدالة بشار الأسد التي تقتل الجميع بلا استثناء. وكما قال المليك المفدى إن ما حدث في سوريا (ليس من الدِّين ، ولا من القيم ، ولا من الأخلاق) ، و (إن ما يحدث في سوريا لا تقبل به المملكة العربية السعودية ، فالحدث أكبر من أن تبرره الأسباب ..). وحشية هذا النظام ليست جديدة ، ولا غير متوقعة ، فالأسد الأب فعلها قبل قرابة 30 عامًا في حماة (مدينة الأباة) ، إذ حصد -بلا شفقة ، ولا رحمة- أرواح ما لا يقل عن 20 ألف شخص في أيام معدودات ، دون أن يهتز له رمش ، أو تطرف له عين ، أو يرقّ له قلب. لقد أعطي النظام الجائر في دمشق فرصًا عديدة دون جدوى ؛ حتى يئس الشعب بكل فئاته من يد عربية تمتد إليه ، ولو بكلمة طيّبة ، أو بادرة حسنة ، حتى كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين ، التي يعتقد كثير من المحللين أنها ستكون بداية النهاية للنظام البعثي الفاسد في دمشق. هذا النظام الذي يقتل شعبه تحت يافطة حمايته ، ويبيد مواطنيه باسم الحفاظ على حياتهم ! إنه المكر الأعمى ، وصدق الله إذ يقول: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلاّ بأنفسهم وما يشعرون). إنها حبائل الشيطان يلجأ إليها النظام ، وهي ستضيق به حتمًا وستلتف حول رقبته لتأذن بانهياره عمّا قريب! وأمّا الشعب الصابر الذي بذل الدم رخيصًا في سبيل حريته المسلوبة ، وكرامته المهدرة ، فسينتصر حتمًا في نهاية المطاف مهما طال الطريق ، وامتدت التضحيات ، واشتدت الكروب. ليطمئن هؤلاء الصابرون المصابرون إلى وعد الله لهم ، فهم إن شاء الله المفلحون ، ولسان حالهم سيُردِّد -بإذن الله تعالى- الخطاب القرآني الموجّه إلى القتلة الظلمة: (فسوف تعلمون مَن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون).