خلقَ اللهُ -عز وجل- الناسَ مختلفين ، وسيظلون كذلك ! وذلك من أسرار هذا الإنسان المستقل بإرادته ، المتحرّك بعقله ورغبته ، المبدع بعلمه واكتشافاته. والأثرياء الكبار يمثلون شريحة بسيطة جدًّا من سكان هذا الكوكب المعمور ، ومع ذلك فهم يُفكِّرون بطريقة مختلفة عن المتوقع منهم ؛ لدرجة أنَّ الفقيرَ منّا قد يشد شعره غيظًا وحنقًا ؛ لأنهم يفعلون غير ما يود هؤلاء الفقراء أن يفعلوا. وهذه أربعة أمثلة ربما سمع البعض عنها ، ولا بأس من التذكير بها ، ليس على سبيل التندر ، وإنما على سبيل التفكّر. أول هؤلاء وارن بافيت ، تبلغ ثروته 47 مليار دولار ، ويعيش في بيته الذي اشتراه قبل 50 سنة بمبلغ 32 ألف دولار في مدينة أوماها في ولاية نبراسكا النائية. وقد تبرع بأكثر من نصف ثروته لمؤسسة بيل غيتس الخيرية. وعندما سُئل عن سبب عدم امتلاكه ليخت خاص أجاب: (إن معظم الألعاب صداع في الرأس). وأمّا كارلوس سليم حوا المكسيكي ، فتبلغ ثروته 53 مليار دولار ، لا يملك يختًا ، ولا طائرة ، ويعيش في البيت نفسه منذ 40 عامًا. ويقول السيد كامبراد مالك ومؤسس مخازن آيكيا الشهيرة: (محبو آيكيا لا يقودون سيارات فارهة ، ولا ينزلون في فنادق فخمة). ويبدأ بنفسه ، فهو يطير على الدرجة السياحية ، يستقل كثيرًا المواصلات العامة ، أو يركب سيارته الفولفو وعمرها 15 سنة. والسيد فييني الشريك المؤسس لمحلات (الأسواق الحرة) يحمل شعارًا يقول: (خُلقت لأعمل بجد ، لا لأصبح ثريًّا). وقد تبرع بمعظم ثروته الهائلة إلى مؤسسة خيرية ، إضافة إلى 600 مليون دولار لجامعة كورنيل التي تخرج فيها ، إضافة إلى مليارات أخرى دفعها إلى مستشفيات ، ومؤسسات تعليمية وبحثية ، يستخدم وسائل النقل العامة ، ويطير على الدرجة السياحية ، ويشتري ملابسه من المتاجر العامة ، وليست لديه خزانة للأحذية ، إذ يقول: (لن تستطيع لبس أكثر من زوج واحد من الأحذية في وقت واحد). وأمّا أطفاله ، فيعملون في الصيف مثل أولاد الآخرين. هذه مجرد لمحة من تجارب ملياردريين يعيشون كما غيرهم من متوسطي الحال ، ليعطوا درسًا لغيرهم من السفهاء الذين ما أن يستغنوا حتى (يفجروا)، و (يبطروا) ، و (يتفشخروا).