حين أوشكت على قراءة عقوبات المطبوعات فوجئت بتقرير حرية الصحافة ووجدت أننا في ذيل قائمة دول العالم ، بل إننا نكاد ننافس على المركز الأخير. عندها صرفت النظر عن قراءة العقوبات نهائياً ، لكنني فوجئت بزملاء ممن يسهمون في تحسين مركزنا على سلم حرية الصحافة وقد عقدوا العزم على اعتزال الكتابة أمام هذه العقوبات. قلت في نفسي: ما الذي يدعوني إلى الكتابة غير الرغبة في أن نجعل من وطننا وطناً أفضل، ومن مجتمعنا مجتمعاً أحسن ؟ ولم يدر في ذهني ذات يوم مهاجمة أحدٍ أو جهازٍ أو مسؤولٍ ، لكن الإشارة إلى جوانب النقص دون تعمد النقد الشخصي هي رسالة الصحافة. وقلت أيضاً ، لن أجاري الزملاء ولن أعبأ بالعقوبات ولن أعتدي على أحد ، لكنني سأشير كما أفعل دائماً إلى جوانب القصور والى مكافحة الفساد وإلى تجاوز العوائق. أجرى الزميل (جميل فارسي) عملية حسابية للعائد من الصحافة في حال تطبيق العقوبة فوجد أن العقوبة الواحدة تعادل دخل مئات وآلاف الشهور من الأجور ، مشيراً في سخرية إلى أنه يتقاضى عن المقال سبعة ريالات ونصف ، وأقول له: هناك من اختار مثله الكتابة بدون أجور ، وبقسمة العقوبة على صفر فإن العائد الناتج هو: ما لا نهاية من القرون ، لا الأعوام ولا الشهور ..!! الكاتب العذب (الرطيّان) أجرى حسبته يوم أمس فوجد أن خبراً بسيطاً قد تتسلط عليه جهات لا حصر لها ، كل منها يطالب بأقصى عقوبة وهو ما يلطّف الجو في ظل اختناق صحفي يسير ، بينما اختار (خلف الحربي) الحسناوات من الفنانات ليتحصّن بهن من العقوبات. أرى أن نكتب عن كل شيء بكل شفافية وأمانة ووضوح ، حتى نشعر أننا كسرنا حاجز المائة في سلم الصحافة بدلاً من سقف المائتين الآن ، غير عابئين بشيء إلا بأن يكون وطننا أفضل ومجتمعنا أكثر حرية وتآلفاً.