** ليبيا .. البلد العربي الافريقي صاحب المساحة الواسعة (7ر1) مليون كم2 ، وصاحب اطول ساحل على البحر المتوسط (حوالى الفي كيلو متر) .. هذه الدولة التي يسكنها عدد قليل من الناس نسبة الى سعة مساحتها (8ر6) مليون نسمة ، ولم نكن نحن العرب عموماً والشباب خصوصاً يعرفون عنها الكثير ، بعد ان قام نظام القذافي بعمل ما يشبه الستار الحديدي حولها ، لتتحول الى منطقة مغلقة ، حتى ان من النادر ان تجد احداً امامك وقد قال لك: أنا مسافر أو عائد من ليبيا ؟!! ** وحكاية الستار الحديدي لم يعرفها العالم إلا من الاتحاد السوفييتي السابق ، بعد الحرب العالمية الثانية ، وعندما توارى خلف عزلة صارمة فرضت على دول الاتحاد ، وخصوصاً في عهد الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين والمؤسس الحقيقي للاتحاد السوفييتي ، الذي عُرف بقسوته وصرامته ، ومع انه قاد بلاده من مجتمع زراعي الى صناعي نافس به كبريات دول العالم ، الا انه اشتهر بتصفياته الجسدية ونفيه لحوالى مليون ونصف من مواطنيه الى سيبريا ، وقد مات مسموماً عام 1953 . ** وخلال ثورة ليبيا التي اندلعت يوم 17 نوفمبر 2011 مطالبة برحيل معمر القذافي ، بدأ العالم عموماً والعرب خصوصاً يعرفون أسماء كثير من المدن الليبية التي لم يكونوا يعرفونها ولا يدرون بمواقعها على الخريطة ، واهمية وتاريخ كل منها ، وكأن الناس امام بلاد جديدة لم يكن احد يعرف هذه التفاصيل من قبل ، ولك ان تتخيل الآن ان معظم المواطنين العرب صاروا يحفظون خريطة ليبيا بعد الثورة الاخيرة ، وبعد بروز المدن والبلدات الليبية كافة على سطح اهتمام العالم بدءاً من طبرق شرقا فمدن الساحل بعدها غرباً وهي البيضاء وبنغازي واجدابيا (قريبة من البحر) ورأس لانوف وسرت ومصراته وطرابلس والزاوية . ** ويعتبر (عمر المختار) واحداً من اشهر الشخصيات الليبية في العصر الحديث ، حيث قاوم الاحتلال الايطالي لبلاده لمدة اكثر من عشرين عاماً ، واستشهد باعدامه شنقاً وعمره 73 عاماً ، وهو من قرية شرق طبرق في الشرق الليبي ، وتحول من معلم الى مجاهد قاتل الايطاليين في اكثر من 280 معركة الى ان استشهد شنقاً بيد جلاديه الفاشيست الايطاليين صبيحة 16 سبتمبر 1931م . بعد ان قال رحمه الله قبل اعدامه (نحن لا نستسلم .. ننتصر أو نموت) مسجلاً بذلك انشودة كفاح ليبية ستظل اصداؤها ملء الدهر كله . ** واستطاع الفنان السوري العملاق مصطفى العقاد ان يترجم صورة وكفاح الشهيد المجاهد عمر المختار في فيلم سينمائي اسطوري هو (عمر المختار) الذي جاء مبهراً الى اقصى درجات الابهار ، والذي وصل الى كل بيت عربي كنموذج للاصرار والصبر والتضحية وفداء الاوطان .. وعلى الرغم من أن العقاد قد عاش في الغرب كثيراً إلا أن الهم العربي والاسلامي لم يكن يفارقه حتى مماته ، فقد كان يحلم بمدينة عربية للانتاج السينمائي ، ولقد دخل العقاد بفيلمه عمر المختار عقول العرب والغرب معاً ، واختار بطلا لفيلمه الممثل المكسيكي الامريكي انتوني كوين ، وقدم العقاد في عمر المختار عرضاً باذخاً لذلك البطل الليبي العظيم ، الذي استنهض رمال الصحراء ولفح بها وجوه الطغاة ، وحول القفار الى ريح من الصبا على وجوه المدافعين الليبيين عن حقهم الشرعي ، وتحول الفيلم الى ملحمة ابداع ، وصنع من بطل الفيلم شخصية هادئة نقية بعيدة عن الانفعال والتحجر ، مليئة بالبساطة دون الاغراف نحو الرمزيات ليشكل واقعاً بين تصادم خيول القبائل المؤمنة مع دبابات وآلة عسكرية متغطرسة . ** والواقع ان ليبيا تحفل بالكثير من الآثار والشواطئ السياحية الجميلة ، وهناك من يتحدث عن مكان في بطن الصحراء الليبية اشبه ما يكون بسطح القمر ، وجبل بركاني وصخور بركانية وواحات من النخيل ، اضافة الى بحيرات بالداخل واثارها من البحر الى الجبل الاخضر حيث مدينة شحات التي يقال انها من أجمل المدن الاثرية في العالم ، الى جانب حشد من الآثار الفينيقية والرومانية والبيزنطية .. ولكن الغريب والعجيب معاً أن كل هذه الصور الجميلة عن ليبيا ظلت غائبة او لعلها مغيبة عن العالم ، من دون سبب منطقي معقول ، فكيف توارى كل هذا الجمال الليبي وراء ستار حديدي ؟