الميدان التربوي مليء بالإبداع ، إلا انه يظل حبيساً داخل إطار المدرسة ، ما لم يتم الوصول إلى المبدعين , والتعرف على أعمالهم الإبداعية ، والتعريف بها للآخرين من أجل الاستفادة أو التحسين أو التطوير ، ومكتب التربية والتعليم بوسط الباحة وضع في خطته التواصل مع المبدعين من خلال التعرف على تلك الأعمال وجمعها في ضوء استبانة صُممت لهذا الغرض ، وكانت النتيجة مبهجة إذ كشفت عن قدرات تربوية عالية سواء من المشرفين التربويين أو المديرين أو المعلمين وكذلك من الطلاب , وبيّنت الثراء الفكري والتنوع بحسب التخصصات والاتجاهات , وكان الهدف هو الخروج عن أساليب التنظير إلى إجراءات التطبيق اتفاقاً مع النظرية التي تؤكد أن المشاركة هي الأساس في عملية الفهم بينما الكلام قابل للنسيان ، وبالفعل كخطوة أولى تم جمع هذه التجارب والخبرات التربوية الميدانية ووضعها في إصدار واحد ونشر بعضها عن طريق وسائل الإعلام المقروء من اجل توسيع نطاق التجربة إلى مساحة أوسع. ومما لفت انتباه القائمين على هذا المشروع التربوي , أو الفكرة أن وردت المكتب أعمال مهمة جداً تنم عن وجود قدرات خلاّقة وطاقات إبداعية رائعة بمقدور أصحابها تطوير أفكارهم متى وجدوا التشجيع والدعم لتصبح تجارب ذات قيمة فكرية وعلمية وثقافية. وفي تجربة تربوية تقوم بها ابتدائية بالرقوش بعنوان (صيد الحروف) والفئة المستهدفة تلاميذ الصف الأول الابتدائي – إذ يحتاج التلميذ في بداية مسيرته التعليمية تعلم الحروف الهجائية .. ويمكن التعليم والتعلم , بأساليب متنوعة إلا أن هذه المدرسة فضّلت استخدام طريقة مُغايرة ومُحببة للتلاميذ من خلال عقد صداقة بين التلميذ والحروف ، فضلاً عن تغيير نمط التعليم من التعليم المجرد إلى التعليم المحسوس والملموس وذلك بتجسيم الحروف الهجائية من خلال رسمها على ورق الفلين وتلوينها بألوان جاذبة , وقصها ليشكل كل حرف كينونته , ووضعه في حوض بلاستيكي جذاب مليء بالماء ليتبارى التلاميذ الصغار في اصطياد الحروف السابحة على سطح الماء من خلال سنارة غير مؤذية ، ويأتي التعليم بأسلوب الترفيه بعيداً عن أسلوب الضجيج ورفع الصوت داخل حجرة الصف (ألف ، باء ، تاء) بل بطريقة سهلة وجميلة ومحببة للتلاميذ ومناسبة لخصائصهم العمرية والنفسية فضلاً عن ترسيخ شكل الحرف في ذهن التلميذ وإمكانية محاكاة رسمه ، ودمجه مع الحروف الأخرى لتشكل كلمات وجملا .. ألم نقل بأن الميدان مليء بالأفكار الجميلة والمفيدة وهناك تجارب وخبرات سوف نتطرق لها من خلال هذه النافذة الإعلامية في قادم لأيام بمشيئة الله ، وقبل هذا وذاك ينبغي أن نعرف بأن بعض المدارس الصغيرة من حيث عدد تلاميذها ومعلميها بها من القدرات الخلاقة والتي تستحق الوقوف عندها وشكرها وتشجيعها وهذا الذي يؤكد أن الإبداع ينمو ويتشكل حيث أراد المعلم , وأرادت أيضاً المدرسة في مناخ تربوي سليم .