عندما تصل الأمور إلى عدم الثقة في منظومة العمل ككل ، فهنا لا بد من قرارات شجاعة تعيد تصحيح الأمور ، وتعيد الثقة في هذه المنشأة. لكن هل يكون ذلك من خلال إجراء تعديلات فقط ؟ هل يكفي هذا ؟ أم يكون من خلال تغيير المدير بمدير آخر ؟ أم يكون الحل بإسقاط كامل الإدارة ، ووضع إدارة جديدة؟ إذا اعتبرنا النادي الأهلي منشأة وطنية -وهو كذلك- ، وقد بدأ في الدخول في نظام الخصخصة ، وأصبح ينظر له ، ولكل ناد مثله ، على أنه مؤسسة ربحية ، لا مجال فيها لتكبد الخسائر.! ولو افترضنا أن الوضع الحالي لفريق الأهلي الأول لكرة القدم ، يحدث ونحن في عصر تخصيص الأندية ، فهل سيُقبل أحد من أصحاب المال على شراء حصص في النادي ، وهو بهذه الحال؟. سؤال يفرضه الواقع والمستقبل ، وتصرّ عليه عشرون عاماً من الاحتراف ، تمنت خلالها جماهير هذا النادي الصابرة ، لو أن فريقها استمر في عالم الهواة. سأقول بلسان المشجع العادي الذي يدفع عشرين ريالاً في كل مباراة ، ولا تسأل من أين يحصل على ذلك المبلغ ، فربما حصل عليه من جدته العجوز التي سحب لها حفيدها للتو راتبها الشهري من الضمان. هذا المشجع العاشق لم يعد له وجه ليجلس بين أصدقائه وأصحابه وزملائه ، هل تدرون لماذا ؟ لأنه وجد نفسه مدافعاً عن حال فريقه ، قال كل شيء ، ولم يبق لديه شيء ليقوله ، ففضل عدم مرافقة أصحابه لكي لا يتعرض للسخرية منهم!. يروي لي الصديق سلطان جبارة صورة من استاد الملك فهد الدولي رسمتها جماهير الأهلي في مباراة الهلال الأخيرة بربع نهائي مسابقة كأس ولي العهد ، ويقول بأن أكثر ما لفت انتباهه ، تكوّن جمهور الأهلي من جيل لم يتجاوز العشرين عاماً ، ويؤكد بأنه حرص على حضور المباراة لمشاهدة النشيد الأهلاوي الجديد. هذا يعيدني إلى التذكير بالأربعة الكبار -والأهلي أحدهم- ، وربما أن الملاحظ أن جمهور الأهلي في تزايد ، وهذا ما نلمسه في ملاعب المملكة المختلفة ، وما نشاهده في الحارات والشوارع والأسواق وعلى جنبات السيارات. لكن هل قدم الأهلي أو إدارته في هذا الموسم ، ما قدمته رابطة المشجعين؟ لقد قدمت الرابطة بقيادة سعود البرقاوي وزميله بدر تركستاني وزملائهم عملاً سيسجله التاريخ لهؤلاء العشاق المخلصين ، فناديهم في نظرهم لا يقل عن ليفربول ولا عن المان يونايتد ، ولا عن الميلان ، وإذا أردتم زيادة في العشق ، فإن برشلونة يأتي بعد الأهلي. إذن معنى ذلك أن في الأهلي مبدعين ومفكرين ومبهرين ، لكن السؤال -وما أكثر الأسئلة- ، أين هم، لماذا لا يعطي النادي أبناءه فرصة العمل فيه؟ لماذا الإصرار على ذات الوجوه؟ فهي لم تتغير منذ أكثر من عشر سنوات ، وبعضها ربما يعمّر في النادي كحال بعض الحكام العرب. لعل رئيس النادي الأمير فهد بن خالد يذكر أنني قلت له ذات مساء أن عليه أن يستمر حتى تنتهي فترة رئاسته ، وطالبته أيضاً بسرعة التجديد مع المدرب ميلوفان ، وكان ذلك بحضور كبير الأهلاويين وحكيمهم الأمير خالد بن عبد الله ، وبوجود مجموعة من الإعلاميين. يومها وعد الأمير فهد بأن ذلك هو الذي سيحدث ، لكن حدث ما كنت أخشاه ، وقدم المدرب استقالته وغادر وعادت الأزمة ، ومع ذلك مازلت أصرّ على رأيي بأن الأمير فهد بن هو الرئيس المناسب للنادي في هذا الوقت ، فهل فهمتم ما أقصده؟. صحيح أن الأهلي بحاجة إلى مدرب كبير ، لكنه بحاجة أكبر إلى البحث عن أبنائه المميزين ومنحهم فرصة خدمة ناديهم ، وقد أسفت جداً عندما علمت أن فكرة بدأها الصديق عيد البلوي -وهو بالمناسبة مدير إدارة بالمرتبة التاسعة في جهة حكومية كبرى- لتكوين قاعدة بيانات تضم كبار مشجعي الأهلي من الدكاترة والمهندسين ، وأصحاب التخصصات المهمة في جدة ، ثم يتم تعميمها على مستوى المملكة ، قد أجهضت ولم تجد من يدعمها .. أعيدوا الحياة للأهلي.