نعلم جميعًا أن الفساد بكل صوره واتجاهاته عمل نتن وأن كل شيء نتن له رائحة كريهة تزكم الانوف وتؤذي الغير نفسيًا واجتماعيًا وصحيًا ، وأن مصدر ذلك الفساد ومنبعه سيبقى مصدرًا للإيذاء أينما حل وارتحل. ربما أن الفساد المالي والإداري يعد ركنًا هامًا ورئيسًا من أركان ذلك الفساد المتعدد الأوجه وصورة قاتمة من صوره ، فإن ضوءنا اليوم سيكون مسلطًا عليه كون انتشاره أصبح لافتًا في مجتمعنا وأذاه طال الوطن بكامله ، فالمال العام أصبح عرضة للنهب والسلب تحت مظلة الأنظمة المتقادمة والمنخورة بالثغرات وتحت مظلة المشروعات الوهمية التي نسمع لها جعجعة ولا نرى لها طحينًا وتحت مظلة لا أريكم إلا ما أرى. وبما أن ألوان ذلك الفساد النتن يطال ضرره الوطن ممثلًا في ثرواته الباطنة تحت الارض والظاهرة فوق الأرض فإن محاربته وكشفه بكل الصور الممكنة أمر واجب على كل مواطن ومقيم على تراب هذا الوطن وان الاحجام عن ذلك الدور يعد تقصيرا كبيرا بحق الوطن. ولعلنا نتوقف كثيرًا فننظر حولنا ثم نلتفت إلى الوراء لنستجر بعض ما رأينا وسمعنا من الوانه القاتمة ثم ننظر إلى أفق المستقبل لنستشرف الآثار المنتظرة من خلال ذلك الواقع، الذي عشناه ولازلنا نعيشه سنرى بالتأكيد الكثير والكثير من معطيات الضرر المرير الذي سيلحق بممتلكات هذا الوطن المعطاء وسيلحق الضرر الكبير بأجياله المستقبلية. ولنا أيضًا أن نضع أمامنا الكثير من الحقائق الثابتة المشاهدة والملموسة من ألوان ذلك الفساد كالمشروعات التي ابتلعت المليارات أو الملايين ولم نر لها اثرًا أو لتلك المشروعات التي ابتلعت الكثير من المليارات والملايين هدرًا من خلال رداءتها وسوء تنفيذها أو ضبابية محتواها ولنا أن ننظر حولنا لنرى ما يحدث من تجاذب وفوضوية في اسعار كل شيء ومن احتكار مقيت للأراضي والمشروعات ذات العلاقة بالاسكان والصحة والتعليم. بالتأكيد، إننا بعد ذلك سنشعر بالكثير من المرارة وستزكم أنوفنا رائحة ذلك الفساد النتن وهو ما يستوجب على كل مواطن أن يحاربه بما استطاع من قوة وألا يكون ركنًا فيه وأن يكون عضدًا للاجهزة الموكلة بمحاربته فالوطن للجميع وحبه للجميع والذود عنه ومحاربة المفسدين امر يهم الجميع. وعلى كل من يمارس ذلك الفساد ان يعلم ان الرائحة الكريهة لما يقوم به لن تكون مقتصرة على المقربين منه بل ستنتشر رائحتها النفاذة إلى شتى بقاع الارض بعد أن أصبح العالم كالقرية الصغيرة وبعد أن اصبح الخبر ينتشر إلى كل البقاع في لحظة وأن المعلومة سترى النور في نفس التو واللحظة فالشبكات المعلوماتية بمختلف صورها المتجددة دائمًا والمتنوعة كثيرًا ستنقل تلك المعلومة بالرقم والصوت والصورة إن أمكن ، ولسنا ببعيدين عن اجهزة الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة التي تملأ الفضاء واليابسة والماء وما لديها من الأدوات التقنية سريعة الانتشار التي تجعل مثل تلك الرائحة الفسادية الكريهة أن تجوب أنحاء الأرض فتشوه صورة الوطن ولنكن جميعًا يدًا واحدة لخادم الحرمين الشريفين وملك الإنسانية التي يضرب بها الفساد، كما يؤكد لنا حفظه الله بطلبه منا مشاركته في محاربة ذلك الداء المكين. والله تعالى من وراء القصد.