القيادة تعزّي أمير الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك الحمد المبارك الصباح    ولي العهد يعزي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك الحمد المبارك الصباح    أمطار متوسطة إلى غزيرة تؤدي لجريان السيول على مكة والجنوب    أبها يتغلّب على البكيرية بهدف في دوري يلو    ارتفاع أسهم 65 شركة.. المؤشر عند 11.867 نقطة    رئيس الوزراء المصري: 90 مشكلة تواجه المستثمرين السعوديين في مصر    القصبي: نوقع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات السعودية في مصر.. قريباً    الأهلي يتغلّب على برسيبوليس الإيراني بهدف في "أبطال نخبة آسيا"    «قمة خليجية» تجمع الهلال والريان    الخريف يؤكدها للمرة الثانية: فتح مصنع في السعودية أسهل من المطعم    آل السريحي يحتفلون بزفاف سهيل    القتل ل«الغنام».. خان الوطن وانضم لكيان إرهابي    «الخيمة» القطرية.. لوحة مسرحية بالمهرجان الخليجي في الرياض    «بين الثرى والثريا».. انطلاق النسخة الرابعة من «نور الرياض 2024»    نائب أمير الرياض يكرم الفائزين بجائزة التواصل الحضاري    5 فوائد للبقوليات لصحة أفضل    سمو ولي العهد ورئيس الوزراء المصري يستعرضان سبل تعزيز التعاون    الوعد السبت    (معلومات الهلال صادمة)    في رابع جولات دوري يلو.. صدارة نيوم في اختبار العين.. والطائي يواجه الحزم    بهدف «الرئيس».. الأهلي يتخطى بريسبوليس    المملكة تتوجه للاستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية .. الأمير عبدالعزيز بن سلمان: تطوير القدرات البشرية في مجال التقنية النووية ومجالاتها الرقابية    بين حق الدفاع عن النفس وحق تقرير المصير    16 شهيداً بينهم خمسة أطفال في غارة للاحتلال    طالبة النرجس واستعادة المدرسة لدورها النفسي والاجتماعي    ضبط ممارس صحي تجاوز حدود اختصاصه في تبوك    أمانة جدة تضبط أكثر من 10 آلاف كيلو من التبغ مجهول المصدر    السعودية تدشن مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في عدن اليمنية    السياحة الرملية    «إكس» تتيح حظر الرسائل المباشرة    العرض العسكري في اليوم الوطني «العرضة من فكر عسكري إلى تراث ثقافي»    إدعموا مؤسساتنا الصحفية ياوزارة الإعلام    غير مكتمل    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. انطلاق المؤتمر الدولي لسوق العمل يناير القادم    تنبيه للحماية من مرض السكر    طبيب أعصاب يحذر من آثار تناول القهوة    التوفيق    غرفة الشرقية تنظم لقاء حول ممكنات القطاع الصناعي    «فلكية جدة»: اليوم رصد ثاني بدر عملاق للعام 2024    أمانة الشرقية تُثقف موظفيها بالتزامن مع اليوم العالمي للإسعافات الأولية    إمام وخطيب المسجد الحرام يلتقي رؤساء الجمعيات الإسلامية بجنوب أفريقيا    عبدالعزيز بن سلمان: المملكة استكملت المقومات المتعلقة بالعمل الرقابي النووي    وزير الداخلية يتفقد مركز الدعم الفني لحرس الحدود بالرياض    الأمير سعود بن نهار يناقش استعدادات المحافظة للاحتفاء باليوم الوطني 94    أمين القصيم يستقبل قنصل مصر    «طبابة العارضة» تقدم خدماتها ل 2347 مستفيداً    دمت شامخاً يا وطن    قاضي اتحادي يبدأ التحقيق مع المتهم بمحاولة اغتيال ترمب    غضب شعبي لانتهاكات الحوثي في صنعاء    السودان: هجوم ل«الدعم» يوقع 40 قتيلاً    حضور ومسامرات خليجية    السفير الحربي: عناية المملكة بكتاب الله تتسق مع رسالتها السامية في خدمة الإسلام    الأرصاد: سحب رعدية ممطرة مسبوقة برياح نشطة تحد من مدى الرؤية في المدينة ونجران    أصحوة «من جديد»؟!    محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية تختتم مشاركتها الناجحة في معرض كتارا الدولي للصيد والصقور 2024    وتين    من أعلام جازان.. الشيخ القاضي علي بن شيبان حسن العامري    رئيس المجلس الإسلامي في إثيوبيا: السعودية رائدة في خدمة الإسلام والمسلمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يشتكون .. ونشتكي أكثر
نشر في شبرقة يوم 17 - 12 - 2010

الذكريات سوق داخل جسم الإنسان .. يتميز بقدرتنا على فتحه في أي وقت .. سوق بدون حراسة وبوابات .. نتجول في الذكريات كبضاعة .. ولها ثمن .. نسترجعها ونستبعدها .. محيطها متجدد .. تحرك مشاعرنا .. سلبا أو إيجابا .. بعضها يتم توريثه .. لتصبح اتجاهات متصلبة .. وقناعة يصعب تغييرها.
الاتجاهات تعبير عن المواقف المسبقة من الأشياء والأفراد .. تتحكم في المشاعر والقرارات والنوايا .. أجيال لم تعش الحدث .. لكنها تعيش معاناته .. ترثها .. ذكريات مزروعة في العقول بعناية .. ونرعاها .. بعضها فتن .. تتوارثها الأجيال.
تلك العجوز البريطانية .. ادعت اغتصابها في بلد عربي .. أفرغت وعاء جرحها أمامي .. في سوق (أحد) جلاسجو الاسكتلندي .. تنادت ذكرياتها الأليمة .. تقول : أنت أيضا عربي .. كشفت المستور أمامي .. ماذا كان يدور في عقلها الباطني؟!
كانت مهذبة .. أعطت مساحة لتفريغ الألم على مراحل .. حتى البوح يعني مسح المعاناة .. أو التقليل من أوزان حملها المر .. كانت ضيفة في بلاد العرب .. اكتوت بما حصل .. أمر مؤلم .. أربعون عاما مضت والحادثة معلقة في مسمار ذاكرتها.
اغتصبها ثلاثة رجال عرب .. حددت البلد .. كيف / ولماذا حصل الاغتصاب ؟! .. سؤال ظل محبوسا بداخلي إلى اليوم.
لاحظت العجوز الغربية ارتباكي وحرجي .. قالت : أصبح الحدث جزءا من التاريخ .. حركت بذلك جراحا نائمة .. نسيت أن التاريخ يثير انزعاجي من جرائمهم .. حاولت إبعادي عن شبح الموضوع .. قالت يحصل في أي بلد.
استنكارنا الشهم لاغتصابها .. يعبر عن مكارم أخلاقنا العربية .. لكنه يفرض علينا حق التشكي من الغرب أيضا .. اغتصب مشاعرنا .. بجانب القيم .. والحقوق .. والكرامة .. حتى الأرض اغتصبوها .. وهذه فلسطين .. اغتصبتها بريطانيا .. ثم سلمتها لأشرار الدنيا لمواصلة الاغتصاب .. ومازال الغرب يساند ويحمي الأشرار .. ويمارس الاغتصاب .. آخرها العراق .. كيف ننسى؟!
غادرت السوق بغصة عربي مجروح الكبرياء .. حتى من تاريخهم مع العرب .. هناك من يرتكب الخطأ .. هناك آخر يتلقى العقاب .. منهج فتنة .. يغيب العقل في غبار المآسي والآلام.
في سوق الحياة .. تبقى آثار الجروح غائرة في النفوس .. هناك من يعفو .. وهناك من ينتقم .. حتى الجروح النفسية تحمل معالم .. البعض يحافظ عليها نافرة في الوجه .. آخرون يمحونها بالعفو والتسامح .. سوق الخير موجود في النفوس الأبية.
جميل أن نتعلم النسيان .. ونتخطى الآلام والمآسي .. لصالح العقل .. وقد حماه الله ودافع عنه .. له علينا حق الحماية من المشاعر السلبية .. تُشتت عمل العقل .. مركز القرار ورادار دروب السلامة .. في تعطيله ، تصبح العاطفة مسيطرة على حياة الفرد.
العقل قوة أخضعها الخالق سبحانه للحماية .. كمثال : منع شرب الخمر .. حفاظا على قدرات العقل .. للإنسان حرية الحماية .. الغضب .. يقود الفرد إلى عواقب وخيمة .. الغضب احد أهم أعداء العقل .. بجانب ذكرياتنا السلبية .. تحرك كؤوس الأوجاع والألم والحسرة .. نصبح أسرى لضغوط العواطف .. تبعدنا عن مجال عمل العقل الذي يبني.
حتى التاريخ يجسد الألم للناس .. أشبه بسوق سوداء .. تجد نفسك محشورا في أحداثه .. تتسوق دون تفكير .. كأنك تتزود بالحقد والكراهية .. لتواصل مشوارها .. وقد يكون بشكل أقسى.
في سوق الأحد الاسكتلندي .. ترى العالم بين يديك .. ترى تلك الهواجس والخواطر والاستنتاجات السابقة .. سوق لقوة سادت ثم بادت .. ولنفوذ ساد ثم انحسر .. ولسطوة استبدت ثم انقشعت .. سوق دولة قبضت حتى على أشعة الشمس .. دولة لا تغيب الشمس عن نفوذها عبر العالم .. كل هذا أصبح في سوق التاريخ الأسود.
سوق تبعثر في أكشاك بالية .. وبعد أن سادت بريطانيا العظمى على العالم .. فيها من أشياء العرب .. ومن أشياء أفريقيا .. ومن أشياء دول آسيا .. ومن أشياء أمريكا .. نماذج عالمية تباع وتشترى .. هل كان هذا الشعب سائحا أم مستعمرا ؟! .. يحملون في عودتهم .. أشياء تعجبهم .. هل تعطيهم شعورا بالسيطرة .. أم شعورا بمتعة عظمة الإنسانية ؟!
اشتريت عصا افريقية جميلة من هذا السوق .. كانت جذع شجرة .. حولته اليد السمراء .. والعقل الأفريقي النابغ إلى تحفة .. في قمة العصا ترى مجسم فيل أفريقي .. منحوت بمهارة راقية .. على ظهر الفيل بروز .. يحمل ساندا لقبضة اليد .. عندما تتكئ على هذا الساند .. يتولد لديك شعور .. بأنك على ظهر فيل حي .. كان هذا شعوري عندما اشتريت العصا التحفة.
شحنتها إلى بلدي .. في بوابة الدخول .. موظف لم يقرأ شيئا في هذه التحفة .. كسر العصا أمامي .. وضعها عمدا في (الزبالة) .. فرض قناعته ورأيه .. لم اسأل : لماذا ؟! .. ابتسمت .. سامحت .. أعرف أهلي وعذرت .. ويستمر المقال بعنوان آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.