انتقدت لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي في مجلس الشورى واقع التعليم في المملكة، واستغربت اللجنة كما نشرت بعض الصحف أمس ارتفاع درجات التقويم الشامل بشكل ملحوظ، وذلك لا يتناسب مع الواقع الفعلي، إذ إن 80% من المعلمين يحصلون على تقدير (ممتاز) في نهاية العام الدراسي على الرغم من تدني مستوى التحصيل الدراسي والمهاري لدى الطلاب مما يدعو إلى التساؤل حول وجود خلل في العملية التعليمية. هذا الخلل التقييمي الذي توقفت عنده اللجنة قديم قدم التعليم في بلادنا، وهو خلل معروف وواضح، فهؤلاء المعلمون والمعلمات الذين حصلوا وسوف يحصلون على تقدير (ممتاز) لا فرق بينهم وبين المعلمين والمعلمات الذين يحصلون على تقدير (ضعيف) أو (جيد) لا معنويا ولا ماديا وبالتالي فقد فقدت هذه التقديرات قيمتها منذ زمن بعيد الأمر الذي جعل (ممتاز) يكال من قبل مديري ومديرات المدارس والمشرفين والمشرفات بالكوم، فطالما لا أثر ولا قيمة له في النهاية فما المانع من المجاملة فيه لكسب مودة أو تقدير زمالة، وهكذا كانت النتيجة ضعف الطلبة والطالبات ليس لأن مستوياتهم ليست بذات قيمة في تقييم معلميهم ومعلماتهم فقط ولكن لأن التقييم ذاته لا قيمة له في واقع المعلمين والمعلمات، فما قيمة أن يحصل معلم ما على تقدير ممتاز حقيقي إذا زميله الضعيف والمهمل والمتسيب لا يقل عنه لا ماديا ولا معنويا في نظر الوزارة؟ لقد شددت لجنة الشؤون التعليمية على ضرورة إنشاء مركز وطني لتقويم التعليم يرتبط برئيس المجلس الأعلى للتعليم، ولاشك أن إنشاء هذا المركز يعد خطوة متقدمة لخدمة التعليم إذ إنه يهدف إلى الارتقاء بجودة التعليم العام ومخرجاته من خلال مراقبة وضمان جودة الإدارة التربوية، والمناهج والبرامج التي تقدمها الوزارة، ونشر ثقافة الجودة في المدارس، واللجنة تشترط لهذا المركز الاستقلالية عن الوزارة وارتباطه برئيس المجلس الأعلى للتعليم، وأود أن أضيف أن استقلالية المركز وحدها لا تكفي، فمع استقلاليته لابد أن يكون لنتائج تقييمه أثر ملموس في الميدان التعليمي، وذلك من خلال حوافز وعقوبات مقننة يضعها لتقترن بنتائج التقييم، وتكون لديه الصلاحيات الكافية لتطبيقها ميدانيا وإلزام الوزارة وفروعها بقرارات المركز وإجراءاته، وبدون هذا فإن هذا المركز سيبقى شكلا بدون مضمون ومهما اجتهد في التقييم بدون نظام للحوافز والعقوبات المادية والمعنوية فإنه لا جدوى منه. وبالمناسبة فإنني أود أن أسأل ما هو الفرق بين هذا المركز الذي تطالب به لجنة الشورى وبين الأمانة العامة التي أعلنت وزارة التربية والتعليم عن إنشائها تحت مظلتها فقد قرأت تشابها في المهام ولا فرق تقريبا إلا في استقلالية المركز المنتظر عن الوزارة، فهل هذا تسابق على الصلاحيات أم أنه مجرد توارد خواطر؟