القرارات المتناقضة لوزارة الشؤون البلدية والقروية تدفع المواطنين دفعاً إلى ارتكاب ما تعتبره الوزارة وفروعها في المناطق مخالفات، بينما يعتبره المواطنون اجتراحا لحق يشعرون أن الوزارة تتعمد غمطه، فما أن يلتزم المواطنون بتطبيق قرار حتى يصدر ما ينقضه متسببا في غبن بعضهم، أو فوات مصلحة أو فرصة استفاد منها آخرون، فيلجؤون إلى ما تعتبره التناقضات مخالفات ويمررونها من خلال الواسطة وما هو أكبر وأمر منها، ويجد موظفو ومهندسو البلديات أنفسهم في أوضاع محرجة أمام ضغوطات الواسطات أو إغراءاتها. لقد كان المواطنون يترقبون صدور قرار من الوزارة يسمح لهم بزيادة الأدوار في العمائر، وذلك في ظل الغلاء الفاحش للأراضي، وعدم توفر الخدمات الضرورية في المخططات الجديدة وعجز الوزارة عن إلزام أصحاب المخططات بتوفيرها وعدم قدرة الوزارة على توفيرها، هذا فضلا عن كون زيادة الأدوار يساهم بفعالية في حل مشكلة الإسكان المتفاقمة، ويحد من التمدد الأفقي للمدن مع ما يصاحبه من ضغط على الخدمات التي تقطعت أنفاسها وهي تلاحق العمران، أقول بينما كان المواطنون ينتظرون قرارا كهذا فوجئوا بالوزارة تعلن عن قرار ينقض قرارا سابقا حول الملاحق العلوية للعمائر ويقلصها من 50% كما قضى القرار السابق منذ نحو خمس سنوات إلى 10% كما يقضي القرار الجديد، فكيف يتصرف أصحاب العمائر الجديدة التي ما زالت تنتظر تراخيص البناء، وماهو مبرر حرمانهم من حق استفاد منه كثيرون جدا وبنوا فوق عمائرهم "فلل"، ومثلهم فعل كثيرون في أحياء سابقة لقرار السماح بالخمسين في المئة إذ استدرك بعضهم وأضاف أدوارا وبنى فوقها "فيلا"، ومن حق الباقين أن يفعلوا ذلك سواء رضيت الوزارة، أو رضخت بالوسائل الملتوية. وحتى لا يظن أحد أنني أبالغ سأضرب مثلا بما يحدث من تناقضات أخرى في محافظة جدة التي أظنها أنموذجا لغيرها، ففي عروس البحر الأحمر هناك مخططات قديمة مخصصة للفلل، لكن منذ سنتين تقريبا تم السماح فيها ببناء عمائر، وفعلا حصل كثير من المواطنين على تراخيص وبنوا عمائرهم، فاشتعلت أسعار الأراضي في هذه المخططات واشترى من اشترى، ففوجىء بأن قرار السماح تم إلغاؤه بعد أن أصبحت هذه الأحياء خليطا عجيبا من الفلل والعمائر ذات الأدوار المختلفة بين ثلاثة وأربعة وخمسة، ولامبرر سوى التناقض والتخبط، وأعرف مواطنا يسكن "فيلا" قديمة وجاره بنى عمارة، فأراد أن يهدم "الفيلا" ويبني عمارة فمنعته البلدية وليس أمامه حل سوى أن يفعل ما يريد ويضع البلدية أمام الأمر الواقع. والتناقضات لاتنتهي في تحديد الشوارع التجارية والعادية ومستوى الارتفاعات عليها، والمواطنون وهم على حق يشعرون أن الوزارة وفروعها تسبب لهم مشاكل عقارية كبيرة تضر بمصالحهم، ويرون أن قراراتها المتناقضة تسبب الغبن لكثيرين منهم وتضطرهم إلى سلوك طرق ملتوية وغير شرعية، وهم يأملون من سمو الوزير الأمير منصور بن متعب أن يوقف هذه التخبطات والتناقضات التي لا تخدم مصلحة ولا تحقق عدالة ولاتحمل مبررات مقنعة.