توقف حمدان عند غصن شجرة مشمش كانت تتدلى في طريق الماره بالمسراب الضيق كآنت السواعد المفتولة لحمدان تزيل الغصن المتدلي على الطريق ثم رماه بجوار الشجرة . كان أهل شجرة المشمش يعرفون شجرتهم جيداً بل ربما يعرفون عدد حبات المشمش التي تحملها , ظل حمدان في صراع مع نفسه هل كان مصيباً أم خاطئاً في إزالة الغصن ! في مسجد الجمعة وبعد أداء صلاة الجمعة قال العريفة : (ياجماعة لا تروحون لي معكم هرجة) تجمع القوم في ساحة المسجد والتي أعدت بها أماكن للجلوس . بدأ عريفة القرية بالكلام بادئاً حديثه بتذكيرهم بما جاء في الخطبة , ثم تكلم عن إحدى المشكلات والتي سبق لصاحبها عرضها على العريفه قبل الصلاة . كانت هذه المشكلة هي شجرة المشمش التي تم الإعتداء عليها . طلب العريفة من الآخرين وخاصة كبار السن إبداء الرأي في هذه المشكلة والمساهمة في حلها , وذلك كما جرت العادة في عرض مشكلات القرية ومناقشة المشكلة وطرح الحلول فمرة كان يقول : إن حمار فلان أكل من برسيم فلان أو أن غنم فلان دخلت ورعت في حمى فلان . وبعد تبادل الرأي يقومون بتغريم المعتدي بغرامة قد تكون نقدية وقد تكون من جنس العمل إن كان زرعاً أو برسيماً وإذا ما أنكر المعتدي التهمة الموجه إليه فإنهم يطلبون منه اليمين بالله تعالى تصديقاً وتأكيداً لكلامه وبذلك تنتفي التهمة عنه إذا لم يكن هناك بينة عليه . لكن في قضية شجرة المشمش عجزوا عن التعرف على من ارتكب ذلك الاعتداء أو الخطأ , وعندها طلب العريفه من الجميع حلف اليمين على أن واحداً لم يفعل ذلك ولا يعرفون من قام بذلك الفعل . وهنا وقع حمدان في موقف متأزم وفي صراع مع نفسه فهو يخاف أن يقرأ عليه الراتب في المسجد بعد صلاة الجمعة القادمة , وظل في هم وغم وصراع ماذا يفعل ؟! طلب صاحب شجرة المشمش من الإمام قراءة (الراتب) وهو عبارة عن بعض الأدعية على من قام بذلك الفعل والجميع يرددون من وراءه (آمين) وتختتم بقراءة الفاتحة , ولقراءة الراتب هيبة في النفس كبيرة , لذلك لا تكاد تجد من يوافق على قراءة الراتب خوفاً من إنتقام الله سبحانه وتعالى للمظلوم ، ولذلك فإن الفاعل يسارع لإعلان إعترافه , وهذا ما فعله حمدان حيث وقف يوم الجمعة معترفاً بأنه هو الذي عمل ذلك وبرر فعلته تلك لمضايقة غصن الشجرة للطريق , وأردف حمدان بقوله أرجوا أن تسمحوا لي ما فعلته لكن عريفة القرية فرض عليه غرامة مالية . وقد سعد حمدان بهذا القرار الذي نجاه من قراءة الراتب والدعاء عليه