بعد سبعة عشر عاما من الردح والكدح والنطح مايزال فريق عمل طاش ماطاش يكرر مشاهد باردة وكوميديا باهتة، في محاولة لاستحلاب ضحك المشاهدين الذين تجاوزا هذه العقلية بمراحل، فيما السدحان والقصبي خارج دائرة الزمن الفني! قد نستثني بعض الحلقات القليلة جدا خلال الثلث الأول من شهر رمضان، والتي كان لها طرح مغاير بعض الشيء ومتجاوز في أحيان كثيرة، وإلا ما الرسالة السامية التي تريد إيصالها حلقة الأزواج الأربعة؟! وما الهدف الاجتماعي من وراء حلقة الإخوان الستة الذين خطبوا الأخوات الست، ثم انتهت بحرق خيمة العرس من قبل الزوجة الأولى للأخ الأكبر، وكأنها تعيد مأساة خيمة الجهراء بدون أي هدف أو مضمون! يبدو لي أن هناك قصورا من قبل فريق العمل في فهم الكوميديا الهادفة والسخرية الواعية والنقد البناء لتجسيد مشكلات المجتمع وقضاياه الملحة في قالب محبوك فنيا، ومقبول اجتماعيا على أقل تقدير. إضافة إلى تكرار (الكركترات) التي سأم المشاهد العادي من مطالعتها كل موسم، فكركتر الولد الأبله، أو الحجازي الساذج والتي يقوم بها ناصر القصبي انتهى زمنها، وتداعت ملامحها بسبب هذا التكرار الممل للحركة والعبارات المستخدمة والتعابير المستهلكة. وشخصية النجدي الذي يعيش خارج سياق التطور والذي دوما مايصطدم بالحضارة وينبهر بوسائط ووسائل التقنية الحديثة والتي يشخصها السدحان ببدائية في بعض الحلقات تعكس بشكل أو بآخر صورة نمطية سيئة عن إنسان هذا البلد الذي وصل بثقافته ووعيه إلى مراكز متقدمة على مستوى البحث العلمي والطبي والفني والصناعي. أعتقد أن المسألة تحولت من شغل فني بحت إلى متاجرة بالأفكار، وكسب بربجاندا إعلامية متكئة على إرث درامي متهالك وخلفية ثقافية متسطحة تتقاطع مع مصالح شخصية ومكاسب ذاتية. سيقول أحدهم إنني قد تعجلت في طرح هذا الرأي، ولكني أقول لكم أحبتي: هذا رأي مبني على مشاهدات كثيرة لهذا العمل منذ سنوات، ومشاهدات لأعمال عربية أخرى استطاعت أن تقفز بالهم اليومي والواقع المعاش إلى فضاءات إبداعية وآفاق جمالية. طاش .. طاش منذ زمن أعلن إفلاسه، وأعتقد أن تخلي المخرج عبدالخالق الغانم عنه ماهو إلا نتيجة عن إفلاسه .. ويكفي.