أفلحت توقعات الكثير من المراقبين في أن بطلاً جديدًا سيتوج هذه المرة على عرش الكرة في العالم حيث جاء تأهل هولندا وأسبانيا إلى نهائي المونديال نتاجًا طبيعيًا ومنطقيًا لما قدمه المنتخبان طوال البطولة، فزملاء شنايدر وروبن يبحثون عن مجد كروي لهولندا يعوضهم حرمان كأس العالم التي تكررت مشاهدتها دون ملامستها خاصةً تلك البطولات التي كان الهولنديون قريبين منها أيام النجم الكبير يوهان كرويف عندما تأهلت هولندا مرتين للنهائي إلا أنها لم توفق في أي من اللقبين، وتبدو رغبة المنتخبين الهولندي والأسباني متطابقة في تسخير كل الإمكانيات واستخدام جميع الطرق التي تؤدي إلى الكأس، فالحصول على الكأس يعني أن تعيش هولندا أو أسبانيا احتفالات وفرحة عارمة، ويعني أن أحدهما سيدخل سجلات التاريخ الرياضي العالمي من أوسع الأبواب وسيدون بمداد من ذهب مع الأبطال الكبار أمثال البرازيل وألمانيا والأرجنتين وإيطاليا وإنجلترا وفرنسا والأورغواي، ويعني كذلك اعتباراً معنويا مهمًا لشخصية البطل الجديد وتقديم نجومه وعمالقته.. في الشارع الرياضي وجدت تعاطفًا كبيرًا مع أسبانيا لإحراز اللقب ربما لاعتبارات تاريخية وارتباط بمعالم التاريخ الإسلامي في الأندلس، في قرطبة وغرناطة، في كتب وسير الأبطال المسلمين في هذه البلاد وفتوحاتهم التاريخية، أي أنها عاطفة جياشة ذات امتداد عريق يجسده التاريخ وعززته الجغرافيا من خلال موقع هذا البلد القريب من دول المغرب العربي وحوض البحر الأبيض المتوسط.. بالتأكيد يأتي الدوري الأسباني المثير بعملاقيه ريال مدريد وبرشلونة ونجومهما العالميين الكبار على رأس اهتمامات الرياضيين والمشجعين، ومن هذا المنطلق تجد ميولاً لمؤازرة الحلم الأسباني المشروع في أن يكونوا ضمن قائمة الأبطال، وهو في نفس الوقت انتصار للدوري الأسباني الذي حقق أهدافه الإستراتيجية باكتساب الخبرة من نجوم عالميين وتقديم نجوم محليين وصلوا بأسبانيا إلى نهائي المونديال لأول مرة في التاريخ مما يؤكد حقيقة راسخة أن التأسيس الصحيح يبدأ من دوري قوي منظم يضم النجوم مع توفر خبرات تنظيمية وتسويقية تعطيه الزخم وتنثر في أرجائه المنافسة الشديدة وتحيط به المتابعة الدائمة والدقيقة.. من هذه النقطة أريد أن أحلم بدوري محترفين سعودي لا يحاكي الدوري الأسباني ولكن يشبهه فقط أو يجسد بعض خطواته الاحترافية لكي يرقى بكرتنا وينمو بمنتخبنا لكي نصل مجددًا لنهائيات كأس العالم ونذهب إلى مسافات أبعد مما وصلنا إليه في مونديال أمريكا 94م، نريد أن نفعل مثل غانا التي وصلت إلى دور الثمانية في المونديال الحالي وخرجت بشرف من أمام الأورغواي وهي التي كانت تستحق الوصول للأربعة، نريد أن نحلم أكثر ونصل لمواقع الكبار ليس الآن ولكن غدًا بالتفكير السليم والمنهجية الاحترافية الواضحة والاهتمام بالدوري فهو أساس كل تطور رياضي كروي.. لنهتم بدورينا لخلق منتخب قوي يعود لحصد الألقاب ويصل للمناسبات العالمية الكبيرة ويسجل فيها النتائج المشرفة ويتوج الطموحات.. فهل يحق لنا أن نحلم ؟!