يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) المائدة3. ان هذه الآية الكريمة التي نزلت على نبينا وحبيبنا وشفيعنا محمد بن عبدالله يوم الجمعة من حجة الوداع السنة العاشرة للهجرة النبوية اي قبل وفاته عليه الصلاة والسلام بواحد وثمانين يوماً. قد اختلف العلماء في تفسير اكتمال الدين حيث يقول اغلبهم كابن عباس رضي الله عنه وابن كثير والطبري وغيرهم ان المقصود باكتمال الدين هو اكمال الفروض والحدود والحلال والحرام حيث لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك سوى بعض آيات الربا والكلالة التي نزل بعض احكامها قبل ذلك في آيات أخرى بهذا الخصوص وكانت هاتان الآيتان للمزيد من التفصيل والتوضيح في حكمها ولعلي هنا ومن خلال تلك المرجعية النصية من كتاب الله وسنة نبيه اطرح تساؤلاً أراه متاحاً لي للمزيد من المعرفة الشرعية ولا اطرح فتوى كوني غيرَ مؤهلٍ لذلك وهذا التساؤل اضعه أمام بعض علمائنا الافاضل الذين اسرفوا في استخدام فقه سد الذرائع عند اصدار احكامهم الشرعية حيث بلغنا مبلغاً عالياً من التضييق على المسلمين دون الأخذ في الاعتبار لمتغيرات العصر ومتغيرات المكان بالاضافة الى سماحة ديننا الاسلامي الحنيف وعمومية احكامه ووسطيتها وشموليتها لكل الأزمنة والامكنة والاجناس والاطياف والمذاهب ولعل ما يؤكد ذلك ان البعض من علمائنا الافاضل قد تنبهوا لهذا الأمر فبدأو مرحلة فتح النوافذ والابواب وفق منطلقات شرعية ثابتة وصحيحة لكنها كانت مغيبة عن البعض فقط ومفروضة على البعض الآخر بالاضافة الى اقسام تلك الاحكام السّادّة للذرائع بالخصوصية لمجتمعنا دون غيره حيث نرى الكثير من علماء المسلمين في شتى بقاع الارض قد اباحوا الكثير مما حرمه البعض لدينا. وعلى ما يبدو ان الافق القريب قد بدأ يلوح لنا بالكثير من الفتوح الشرعية للابواب المسدودة لكن تلك الفتوح حتماً ستكون تحت مظلة كتاب الله وسنة نبيه وتحمل منطلقات تتوافق مع متطلبات وحاجات عصرنا الذي نعيشه والذي ارى ان ديننا الحنيف قد جعل لكل مرحلة حلولها وبياناتها واحكامها وفق منظومة اعجازية لكتاب الله جل وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لان هذا الدين سيكون صالحاً لكل زمان ومكان كما قال سحبانه وتعالى (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون) سبأ آية 28. وقوله تعالى (قل يا أيها الناس إني رسول الله اليكم جميعاً) الاعراف آية 158 . ولعل تلك العمومية والشمولية في الاحكام القرآنية والنبوّة المحمدية تدعونا إلى أخذ ذلك في الاعتبار عند اعمال احكام الاجتهاد الخلافية وخاصة اذا انطلقت من بلاد منبع الوحي ومنطلق الرسالة المحمدية فديننا سمح واحكامه سمحة ومتغيرات عصرنا ومستجداته المتسارعة تدعونا الى التدبر في اصدار الاحكام الشرعية حتى تستطيع ان تصل في فهمها وتطبيقها الى مختلف بقاع الارض كما هو كائن إبّان العصر الأول للاسلام والذي فيه انتشرت الدعوة الاسلامية الى مختلف البقاع وكان لها كل القبول والالتزام والثبات من قبل الامم وهذا فعلاً ما نحتاجه في هذه المرحلة تحديداً والله تعالى من وراء القصد.