يفترض في عالم المدينة أن يسبق تخطيط أي حي وإقامة أي بناء وتنفيذ أي مشروع أن تكون البنية التحتية مكتملة حتى يعيش الناس بأمان، ويشعروا بطمأنينة فلا قيمة لبناء لم يؤسس على خدمات أساسية كالماء والكهرباء والصرف الصحي. في الشرق والغرب مدن قامت قبل قرنين أو أقل أو أكثر وتضربها العواصف سنويا وتهاجمها الزلازل وتجتاحها الفيضانات وتكاد تغرقها الأمطار لكنها تعيش في أمان وسلام. هنا مدن نشأت أكثر أحيائها قبل عقدين أو أقل أو أكثر لكنها تغرق عند أول وابل من المطر وترتجف عند ريح لا تكاد تصنف على مقياس المخاطر وتبتلعها الأرض لو أن زلزالا خفيفا لامسها عن بعد. هناك أحياء سكنية كبيرة في مرافق جامعية وصحية أشرفت عليها جهات علمية كبرى وغيرها وسكنها أهلها وحين سألوا عن المسجد وجدوا أن ذلك لم يؤخذ في الحسبان عند التخطيط والتنفيذ. هذا هو المسجد القلب النابض لكل حي سكني فما بالك بما دون ذلك من متطلبات البنية التحتية من كهرباء وماء وصرف وتصريف وهاتف وناد ومدرسة إلى آخر القائمة، وهذه أحياء نموذجية في مرافق أنفق عليها البلايين. إن لم يكن الإهمال والفساد وضعف الرقابة وعدم تحمل المسؤولية والانشغال بعالم تحتي آخر غير البنية الحيوية لأي حي، فما هو إذن؟ وبعد ذلك يعجب الناس عن سر التخلف ويعجب الناس أكثر أن المشرفين على التخطيط والتنفيذ والمساءلة هم من تلقوا تعليمهم في الشرق والغرب أو يقضون إجازاتهم هناك أو يعرفون كثيرا من الناس وأوجه الحياة هناك؟! أي عالم تحتي ينتمي إليه هؤلاء؟!