مع كل عملية إرهابية جديدة هناك مستفيدون وهناك خاسرون، لكن أول الخاسرين على الإطلاق هو الدين الذي يمثله هؤلاء. الدين الذي لا يعطي صاحبه حداً أدنى من الأخلاق والقيم ومن التأمل والحكمة ومن المنطق والعقل هو دين لا يستحق أن يهتم به أحد، أو يبحث في إيجابياته أحد. هؤلاء المتسللون إلينا من الخارج أو المندسون بيننا من الداخل يمثلون ديناً غير الدين الذي تنتمي إليه الأمة، ويسلكون مسلكاً غير المسلك الذي دل عليه الرسول عليه الصلاة والسلام: المحجة البيضاء. إن كان في تفجير المرافق العامة وقتل العاملين بها مصلحة فهي مصلحة للأعداء الذين يتربصون بالمسلمين في كل لحظة من ليل أو نهار، بل الأبعد من ذلك في كل تفجير دعوة لعدو كي يتربص بديار المسلمين تحت أي حجة ووراء أي ذريعة. لم يعد خافياً أن إفلاس القاعدة جعلها تلجأ لأي تصرف تلفت به الأنظار إليها، وتستقطب من المجرمين الفاشلين جنوداً جدداً تضمهم إلى العدوان على أبرياء لا شأن لهم بكثير من الصراعات. هب أن كثيرين ممن يتقلدون مناصب عامة في بلاد المسلمين لهم من التصرفات الظالمة والمستبدة ما يبرر إنكاراً واجباً، فهل يصل الأمر إلى إعلان الحرب على المرافق والمنشآت، وإزهاق الأنفس وارتكاب المحرمات وكأن هؤلاء المفجرون يعالجون خطأ بأخطاء؟؟ في إراقة دماء المسلمين شماتة يظفر بها أعداؤهم، فإذا قام من أبناء المسلمين من يريق هذه الدماء فكأنما دسه بينهم عدو يحقق بهم تشفياً لم ينله إلا بأفعالهم. حجة الإرهاب ساقطة لأن النتائج من كل عملية إرهابية في غير صالح الإسلام الذي سيوصم بالعدوانية والدموية والقتل وفي غير صالح المجتمعات المسلمة التي ستحصد المزيد من التخلف والتفكك والشكوك والوساوس التي تلحق بهم في سلوكهم وإنفاقهم وممارسة أعمالهم. أين يقف المناصحون من أناس يأتون تحت غطاء عمرة أو طاعة ليسفكوا دماً أو يفجروا مرفقاً عاماً كي يحققوا المزيد من الحصار للمسلمين؟ إنه جهاد يحتاج إلى استعداد، وحين يكون الجهاد مع أمثال هؤلاء فإنه من أصعب وأشق ما يقوم به المجاهدون.