الأسبوع قبل الماضي شهد حدثين مثيرين في العروس (جدة) فترة الإجازة، أولهما أثناء زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية لكلية دار الحكمة بجدة، والالتقاء ببنات الكلية. ولا أدري السر وراء اختيار هذه الكلية، ومع بنات جدة بالذات؟ لا يهمني أي تفسير؛ لأن الحقائق بين أيدينا مكشوفة! فقد تم تحديد اللقاء الساعة (11:30 ضحى)، في حين حضرت السيدة كلينتون الأمريكية الساعة (2 ظهرًا)!!، وهذا التأخير لم تعتذر منه السيدة (كلينتون)! وزعت الأسئلة بعناية على قرابة عشرين طالبة، وكلها أسئلة مختارة بدقة لكنها عادية جدًّا! وكأن المطلوب أن يكون اللقاء مجرد ديكور لا أكثر، ولا أدل على ذلك من وقوف جميع الحاضرات (إجباريًّا) لمسؤولة الحرب والسلام! صحيح أن بعض الفتيات من بنات جدة لبسن (الشالات الفلسطينية)، وقد كان هذا الموقف محرجًا لإدارة الكلية، إلاّ أن الأعجب من ذلك أن تمنع بنات الكلية من أي سؤال شاذ -في نظرهن- يتطرق بصراحة لوضع المنطقة، في حين قالت (كلينتون) نفسها: أتيت للحوار، وأنتم من أنهاه!! ولست أدري هل الحكمة من وراء هذه الزيارات البروتوكولية احتقار البنات، وأن الكلام عن قضايا أمتهن مرفوضة، هل يعقل أن يصل التراجع الفكري إلى هذا الحد؟ لو كان الأمر كذلك فليكن اللقاء في قاعة فندق، أو صالة منتدى، أو بيت وجيهة مع (كم) بنت!! ثم ألم يدروا أن (كلينتون) نفسها قابلت طلابًا وطالبات في جامعة قطرية، وعرضتها (الجزيرة) بما فيها من أسئلة محرجة فيما يبدو؟! وأقول للسيدة كلينتون والقائمين على بعض الكليات هل تظنون أن بنات جدة تخرجن وتربين في باريس؟! هل تظنون أنهنّ لا يملكن القرار والرؤية الحضارية والفكرية والثقافية والوطنية الاجتماعية؟ اسألوا عن المنتديات والبرامج الثقافية والرحلات والمؤتمرات وحلقات القرآن والمعاهد، اسألوا عن قضايا المناصرة، والعمل التطوعي.. اسألوا عن بنات جدة الأشراف، الأخيار، الفضلاء؟ اسألوا كل حي، وكل محفل، وكل حدث: أليس بنات جدة وراء فعل المعروف، وتنشيط الخير؟ كفوا يا قوم عن أوهامكم وأحلامكم، فبنات جدة، من جدة أم الخير، وعاصمة الفضائل، وأخت الحرم!!