الكل رأى وسمع بما يجري في منطقتنا من تبذير وإهدار للثروة الحيوانية في موسم الصيف . أغنام ، وعجول ، وجمال تُذبح ، ليقال فلان كريم ويباري حاتم الطائي في كرمه وسخائه .. وليتها تؤكل أو يعاد توزيعها على من يستحقها من فقراء المنطقة .. ناهيك عن كميات الأرز الهائلة التي تهدر ،ولا ننكر أن البعض يستدعي الجمعيات الخيريّة لتقوم هي بتوزيعها ، لكن هؤلاء قلة بالنسبة لأولئك الذين يحملونها على شاحنات ، ويقذفون بها من أعالي الأودية .؟ وكأنهم لا يعلمون كم في عالمنا الإسلامي من الفقراء الذين لم يذوقوا طعم اللحم من أشهر طويلة ؟ في زمنٍ بالنسبة لهم يخال فيه الرغيف بدراً ، ومتسخ الحذاء خطبا جساماً ، فهل هذا كرم أم بذخ لا حاجة لنا به ؟ أو ليقال فلان فعل كذا وكذا ، ويصبح كرمه حديث المجالس . قد يبخل البعض على أهل بيته ، لكنّه في هذا لا يتردد ، ألم يسمع قول الحق تبارك وتعالى : {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً }الإسراء27 . ألا يخشى أولئك أن تبدل هذه النعمة بفقر يصيب أصحابها ، وهذا ليس ببعيد .اسمعوا قول الحق تعالى :{وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }إبراهيم34. كل هذا رأيتموه لكن أين دور الدعاة في المساجد .؟أين الخُطب التي ينبغي أن تُجنّد في هذا الموسم لتحث الناس عن التوقف عن مثل هذا .؟ أين النصح والإرشاد ممّن ينكرون مثل هذا .؟ ألم يسمعوا قول الحق عز وجل :ثم لتسألن يومئذ عن النعيم . فكنت أتمنى أن تتبني هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متابعة مثل هذه التصرفات الهوجاء ، ووضع آلية للحد منها . قد يستحسن البعض ما يقوم به تجاه ذلك ، لكن العاقبة أدهى وأمر ، والله إني أخاف أن يعاقبنا الله بما فعل البعض ، وذلك مصداقا لقوله تعالى : {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال25، وممّا يحزّ في النفس أيضا خروج الناس إلى تلك القصور ، وبأعداد هائلة ما أنزل الله بها من سلطان ، سوى إنها السبب في تلك النعمة المهدرة . فمتى نعي ونرحم غيرنا من كل هذه الأموال التي تضيع ونحن لسنا بحاجة إلى كل هذا الترف .؟ أعرف أن في بعض المناطق المجاورة ، عدد الأصابع هم من يستضافون في تلك الليلة والقليل من الأكل يقدم لهم لا ضرر ولا ضرار. قال لي أحد الأصدقاء أن البعض قد ينفق ما يزيد عن سبعين الف ريال فقط تكاليف مائدة العشاء وما يتبعها . ألم بأن لنا أن ننتهي .