في عام 1996م، أجرى فريق بحثي من جامعة فيرجينيا الأمريكية (بقيادة عالم نفس اسمه بيلا دي باولو) دراسة حول مدى تكرارية الكذب لدى الإنسان بصفته سلوكاً بشرياً قلما ينجو منه إنسان، باعتبار حتى كذب المجاملة داخلاً في هذا التصنيف. ومثال ذلك مجاملة الزوج لزوجته عندما يخبرها أن طبيخها (مفيش بعده). الدراسة شملت 147 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 18 و 71 سنة، وطلب من كل منهم تسجيل كل الكذبات التي أطلقوها خلال أسبوع، فاتضح أن كلا منهم قد كذب بمعدل 10 مرات عدا 7 أشخاص لم يكذبوا أبدا خلال الأسبوع إياه. كيف يستطيع أي منا اكتشاف أن صاحبه لا يحاول بيعه أرضاً في وسط البحر!! وذلك باعتبار أن ألوفاً قد تم الضحك على ذقونهم ولحاهم فاشتروا في وسط وديان ليضربها السيل فيما بعد. حتماً هناك مؤشرات تدل على كذب صاحبها، لكن ليست ثمة تلميحات واضحة 100% تنبئ عن الكاذب. وهذه التلميحات أو المؤشرات تعتمد على نوع الكذبة والحافز وراءها... ففرق بين طفل يكذب لينجو من عقوبة كسر المزهرية التي في الصالة، ومجرم ينفي عن نفسه صفقة رشوة بمبلغ مليون ريال مثلاً. وهناك بالطبع كاذبون محترفون لا يهتز لهم رمش ولا يعرق لهم جبين. لكن معظم الناس تبدو عليهم أحد أربعة مؤشرات على الكذب هي: العين الزائفة، الصوت المرتفع قليلاً، العرق، والتنفس المتسارع الزائد عن الطبيعي. وفي حالات أخرى يبدأ الكاذب بقوله: (صدقني) أو (حتى أكون صادقاً معك) أو (كي أقول لك الحقيقة..). وعندما يدلي الصادق برواية ما، لا يتردد في الرجوع عن قوله أحياناً ليوضح حقيقة غابت عليه، أو ليزود السامع بتفاصيل فاتت عليه. أما الكذوب، فلا يعود إلى الوراء أبداً، فهو في عجلة يريد أن ينهي روايته بأقل عدد من الكلمات حتى لا (يتورط) وينكشف أمره. وهناك في المقابل أيضاً محترفون يجيدون كشف الأكاذيب والألاعيب، وهناك كذلك نظريات وآليات وطرق. إنه علم قائم بحد ذاته. وياليت لجنة تقصي الحقائق تستعين بهذه العلوم (الزينة)!