الحمد لله القائل في محكم آيات كتابه العزيز: {وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (إبراهيم - 25)، ومن الأمثال التي ضربها المولى عز وجل للناس الشجرة الطيبة في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا..} (إبراهيم 24-25). يقول جل شأنه: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} (الأعراف - 58)، والنبات الذي يخرج بإذن ربه لا يخرج إلا طيبا، نحمد الله العلي القدير الذي أخرج من نبت هذه الأرض من يحمل مشعل النور إلى الإنسانية جمعاء، وقيض لحكم هذه البلاد رجالا من خيار أهلها، رفعوا لواء الدين عاليا فرفعهم الله ورفعنا به، لنكون خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله. يذكر التاريخ أن أول من روض الخيل في جزيرة العرب هو إسماعيل عليه السلام، وكان فارسا مقداما، والفروسية قرين النيل والشجاعة، وقد حث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على تعليم الأبناء السباحة والرماية وركوب الخيل، ففي هذه الرياضات فوائد جمة، وقال صلى الله عليه وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والمسلمون الأوائل من أعظم فرسان زمانهم، ولم تخل الغزوات والمعارك التي شهدها المسلمون من دور الفرسان في تحقيق النصر، وقد استخدم لفظ الخيل في القرآن لتبيان القوة وتعزيزها في قوله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} (الأنفال - 60). وكثير من الناس يمتطي ظهور الخيل، ولكن هناك فرق كبير بين الراكب والفارس، فالفارس أخبر بجواده وهو رجل متمكن في ترويضه يملك الجرأة والشجاعة، لديه من المقدرة والتحمل ما ليس لدى غيره. واليوم يتناول حديثنا واحدا من أنبل الفرسان الذين أنجبهم هذا البلد، هو صاحب السمو الملكي الأمير الفارس عبدالله بن متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، الذي سار على نهج أجداده، وحقق في ميادين الفروسية الكثير من الأمجاد والإنجازات. فمن بين حشد كبير من الفرسان برز الأمير الفارس السعودي النبيل عبدالله بن متعب ليحقق المركز الثاني في شوط الجائزة الكبرى في بطولة شرم الشيخ الدولية، وبفارق زمن عن منافسه، وقد تم تكريم سموه من قبل اللجنة العليا المنظمة للبطولة وبقية الفرسان المشاركين، وفي بطولة الاتحاد الدولي للفروسية المقامة بلاس فيجاس حقق الأمير الفارس المركز الثاني في سباق السرعة وقفز الحواجز المختلفة. وقد حقق المركز الأول والميدالية الذهبية في شوط نهائي كأس العالم لقفز الحواجز الذي أقيم في مدينة شرم الشيخ ضمن إطار منافسات الجولة الخامسة من الدوري العربي لقفز الحواجز لنهائيات كأس العالم في جنيف عام 2010م، وقد أظهر في هذه البطولة مستوى عاليا من التميز. وفي قطر يحقق الأمير الفارس المركز الأول في شوط الجائزة الكبرى بعد أن قدم عرضا من أروع العروض التي قدمها الفرسان المشاركون في هذه البطولة الدولية، في هدوء وثقة تدل على المهارة والحنكة والمقدرة على التحكم بالنفس والجواد والسيطرة عليه في مراحل السباق، حائزا إعجاب وتقدير الجميع. ولم لا وهذا الشبل من ذاك الأسد، فجده الفارس الذي وحد البلاد وأسس هذا الصرح الضخم على أرض الجزيرة العربية، ولا عجب فالفروسية والبطولة ظهرت على أرض هذا الوطن منذ عهد إسماعيل عليه السلام، وأهل الجزيرة العربية هم صناديد الفرسان وأهل الشجاعة والمروءة والكرم والفروسية عبر الأزمان، ظهر فيهم الكثيرون مثل عنترة وأبي زيد الهلالي وحاتم الطائي وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه وغيرهم كثيرون وكثيرون. فتهانينا لصاحب السمو الأمير الفارس وتهانينا للشعب السعودي الكريم بفرسانه الأفذاذ. وإني وغيري الكثيرون من الناس نتابع ما يقوم به سموه من إنجازات في مجال الفروسية، وكلها تصب في مجال رفعة هذا الوطن، ورفع رايته خفاقة في المحافل الرياضية الدولية، فإلى الأمام أيها الأمير الشاب وقلوبنا ودعواتنا معك حيث حللت وارتحلت، وفقك الله وسدد خطاك وخطى الجميع لما فيه رفعة شأن هذه الأمة وصلاح أحوالها.