الذي يميز العلاقة بين الحاكم والمحكوم في بلادنا هو أن أبناء المؤسس العظيم انتهجوا نهجه الواعي والإنساني في القرب من الناس، ولم يجعلوا بينهم وبين أبناء وطنهم حواجز ولا مسافات، فهم بينهم ومعهم بأخوة نزيهة وأبوة حانية قبل أن يكونوا بمسؤوليتهم التي تحملوها بكفاءة واقتدار، ولهذا فالفرح الكبير الذي يعتمر قلوب أبناء الوطن اليوم بعودة سلطان بن عبدالعزيز سالماً معافى هو بهجة الإخوة بعودة أخيهم، وفرحة الأبناء بعودة أبيهم قبل أن تكون تعبيراً وطنياً صادقاً بعودة المسؤول الكبير ولي العهد والساعد الأيمن لقائد البلاد حفظهما الله. لقد اقتضت مشيئة الله أن يقضي \"سلطان الخير\" عاماً كاملاً تقريباً خارج أرض الوطن، لكنه لم يغب عن وطنه الحبيب فهو في شغاف قلبه، ولم يغب عن مواطنيه فهو في شغاف قلوبهم، كانت المواقف الرائدة واللمسات الإنسانية لصاحب الأيادي البيضاء نحو وطنه ومواطنيه مستمرة كما هي عادتها في التدفق من ينابيع قلبه، وكانت دعوات إخوانه وأبنائه المواطنين المخلصة تتسابق نحو السماء معطرة بأشواقهم لعودته إليهم، أخاً وأباً ومسؤولاً. كان ومازال سلطان بن عبدالعزيز ملء سمع وبصر الوطن، فأينما يممت وجهك في ربوع شبه القارة \"المملكة العربية السعودية\" لابد أن ترى معلما يخلد مآثر سلطان، أو تسمع ذكراً حسناً يخلد مواقف \"أبوخالد\"، فهو معالج المرضى، وهو سند المحتاجين، وهو أخو الكبار ووالد الصغار، وصديق الجميع، وباني القوات المسلحة وشريك رئيس في بناء نهضة الوطن كله منذ أكثر من نصف قرن، وهو فوق هذا كله صاحب المحيا المشرق والابتسامة الدائمة التي يلتقي بها كل الناس والتي جعلت منه رمزاً للمسلم الحق، وأجدد من يستحق فوق كل ألقابه الطبيعية لقب \"سلطان التفاؤل\" فهو بطلاقة محياه وابتسامته يبث التفاؤل الحسن في نفس كل من يلتقيه أو يراه، وهذا قمة السلوك النبيل الذي يحث عليه ديننا العظيم، فمرحباً \"سلطان التفاؤل\" في وطنك وفي قلوب مواطنيك، ولعلني لا أجد عبارة تعبر عن ابتهاج القلوب والعقول بعودتكم الميمونة أفضل من قول \"الحمد لله\"، فالحمد لله ملء الأرض والسماء على سلامتكم وعودتكم إلى وطن لم تغادروه ولم يغادركم فكل منكما في قلب الآخر.