ممّا تتميّز به هذه الدّولة أيّدها الله أنّها أنزلت الدين محلّه الحقيقي،بغض النظر الآن عن تفاصيل نختلف عليها وتتعدد فيها وجهات النظر،لكن الدين في هذه البلاد هو الدين،فلم توظّفه الدّولة أبداً لضرب أعدائها أو تصفية خصومها أو التشغيب على الآخرين،بل مواقفها الّتي تتخذها من منطلق ديني تتخذها لأنّ الدين هو كذلك لا لاتخاذه قنطرة لأغراض سياسية كما تفعله دول حولنا وجماعات وأحزاب سياسية. وفي نفس الوقت ورغم أنّ المملكة من أوّل الدول الإسلامية الّتي ذاقت مرارة الإرهاب منذ حادثة الحرم إلاّ أنّها لم تتخذ موقفاً عدائيا من الدين ومظاهره كما فعلت دول أخرى حولنا،بل كان عزل المجموعات الإرهابية عن الدين والتعامل معهم وفق هذا المنطق نتيجة لعمق الدراية والفهم للدين لدى ولاة الأمر أيدهم الله الذين ميّزوا بين تصرفات المتطرفين وبين الدين وأهل العلم والدعوة. ولهذا لم نشهد بحمدالله رغم الأزمات الّتي مرت بنا تضييقا على الدعوة أو مظاهر التدين بل شهدنا ازدهاراً بحمدالله وتطورا في مجالات عديدة تزيد من رسوخ المعاني الشرعية في المجتمع،أقول هذا متأسفاً لما تمارسه أنظمة جعلت الدين والمذهب مركبا ومطية لأغراض سياسية وأهداف لا علاقة لها بالدين،لا من حيث طبيعتها :كونها شرائع لم يأت بها الدين وإنّما هي ابتكارات ومحدثات في دين الله،ولا من حيث المقصد منها وهو التوظيف السياسي الرخيص،فالبراءة من المشركين حق بلا شك نزل ذلك في كتاب الله تعالى حين قال : {أنّ الله بريء من المشركين ورسولُه}،لكنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم لم يمتثل هذا التوجيه على هيئة مسيرات غوغائية صاخبة تعيث بالمشاعر والشعائر الفساد كما يفعل البعض،والعجيب أنّ هؤلاء الّذين يريدون إعلان البراءة من المشركين يخالفون منهج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم في الامتثال لهذه البراءة،فالنّبيّ صلى الله عليه وسلّم أعلن البراءة من المشركين عبر البراءة عن الشرك نفسه وأعماله ومظاهره وذرائعه،أمّا هؤلاء فيتبرؤون من المشركين - الذين هم في تصورهم أمريكا وإسرائيل فقط – بينما ترى في واقعهم المُعاش مظاهر الشرك والممارسات الشركية والبدعية من التوسل بالأولياء ودعائهم والاستغاثة بهم والذبح والنذر للقبور والطواف بها واللجوء إليها والتبرك بالأماكن والتُّرَب والتمسح بها وغيرها من المظاهر الّتي بحمدالله لا تجدها في بلادنا،فبالله عليكم أيّنا الّذي امتثل البراءة من المشركين حقا وحقيقة نحن أم هم؟ لذلك نشدّ جميعاً على يد الدولة أيدها الله بالأخذ على أيدي السفهاء وعدم تمكينهم من العبث بالشعائر والعبادات ومن أراد أن يتبرأ من المشركين فليذهب إلى دياره وليلعن هناك من يشاء وليتبرّأ ممّن يشاء، والله من ورائهم محيط.