في المكالمة الهاتفية قال المنتحر للأمير محمد بن نايف \"متفائلين\" أن رمضان هذا سيكون نقلة فما هي \"النقلة\" التي كان يتطلع إليها التنظيم السياسي المتطلع إلى السلطة من خلال محاولة اغتيال رمز من رموز الوطن الكبار؟ الإجابة معروفة بل وبديهية إذا كنا مقتنعين أنه تنظيم سياسي استغل ومازال يستغل الدين لتحقيق هدفه السلطوي، وحين أقول إن التنظيم \"استغل الدين\" فإنه من البديهي، ألا يكون أمامه حرمة أو قداسة لأي شيء ولأي أحد، فالغاية عنده تبرر الوسيلة، والوسيلة عنده يمكن تكييفها كيفما شاء\" ولذا لا يهم التنظيم أن نسمي أتباعه \"فئة ضالة أو خوارج، أو فئة باغية، أو منحرفين، أو غيرها فلديه تبرير لكل تسمية نطلقها، وهو يسعده أن تشغلنا التسميات والتصنيفات لأتباعه عن هدفه الذي يسعى إليه، إن كل تسمية شرعية نستمدها من الوسيلة التي استغلها وهي الإسلام تسعد التنظيم من جهتين. الأولى أننا نعتبره جزءا من نسيجنا الديني لكنه ضل، أو انحرف أو بغى أو خرج، والثانية أنه سيبقينا داخل دائرة الجدل الذي لن ينتهي حول ضلاله أو بغيه، أي داخل سعة الوسيلة التي استغلها ويستغلها وكثرة احتمالاتها ودلالاتها، والتنظيم – كما هو معروف – نجح في إغراقنا طيلة العقود الماضية في هذا الأمر، بينما كان يخطط ويستعد لتنفيذ هدفه. إنني أعرف أنه كان للتنظيم مؤيدون ومتعاطفون مخدوعون وربما أتباع عاملون في ميدانه، لكن الأمر الآن انكشف وتجلى، وأصبح هدفه السلطوي واضحاً، كما أصبح استغلاله للدين أسوأ استغلال واضحاً أيضاً بصورة لا تدع مجالا لخدعة عن الهدف، أو تدليس أو تلبيس في الوسيلة، ومع أن البعض سيعتبر تركيزي على هدف التنظيم السلطوي سذاجة، باعتباره هدفا معروفا للجميع، فإنني وبنفس المستوى من السذاجة سأسأل: وماذا أنتجت هذه المعرفة، أقصد معرفة هدف التنظيم؟ هل نجحنا في قطع الوسيلة التي تغذيه وتدعمه وتضخمه وتتعاطف معه وتبرر له أفعاله؟ الإجابة معروفة – أيضاً – لكل من يعرف أن محاضن التطرف والتشدد والتكفير هي المنبع الرئيس للإرهاب، وأن هذا الإرهاب هو الآلية الوحيدة التي يستخدمها التنظيم لتحقيق هدفه السلطوي. إن من أعجب ما قرأت مما يتكرر في إعلامنا من لغة تيئيسية، تقول إن هؤلاء خوارج، وإنهم باقون إلى قيام الساعة، وكأن هذا القول يختصر الأمر في أنه لا حل لاجتثاثهم أبدا، ويجب أن نستعد لحرب طويلة أبدية معهم، وأنا لا أشكك في حسن نية من يقول بهذا القول ويكرره لكن أمور الدول لا تدار بحسن النوايا، وهذا القول ينطوي على تكريس القبول بخطر مقيم، بصورة لا يقبلها العقل ولا المنطق السليم. إن التركيز المستمر على هدف التنظيم حتى وإن ظنه البعض سذاجة، هو المخرج الأوضح والأجدى لفضح التنظيم وإسقاط كل حججه وذرائعه الواهية من جهة ولكشف غطاء الخديعة عن فريق المتعاطفين والمؤيدين الذين يضخمون وسيلته ويشدون من أزرها ليتبين القاصد فتردعه الدولة، ويتبين الجاهل فيرتدع من تلقاء نفسه. هذا تنظيم سياسي هدفه السلطة، وهو مدعوم داخليا وخارجيا، وهو لو وجد وسيلة غير الإسلام لانتهزها واستغلها وخدمها، ولذا لا بد من إعادة النظر في اعتبارهم خوارج أو ضالين أو أي تسمية تمت للدين بصلة، فهم يعون ما يفعلون، وهم لا يريدون سوى إسقاط النظام وحكم البلاد بطريقتهم، وكل من يتعاطف أو يبرر أو يغذي بعد اليوم فهو عدو مبين للوطن، وعليه أن يفكر ألف مرة قبل أن يقول أو يفعل، بعد أن أصبح الوطن كله على بينة من \"النقلة\" التي كان التنظيم يتطلع إليها في رمضان هذا، وعلى الجميع المساهمة في \"نقلة\" تقطع دابره.