افتتحت الجلسة! يا فضيلة القاضي: أنوب أنا شخصيًّا، وبكامل قواي العقلية، برفع دعوى على وزارة الصحة من أعلى راس لأصغر راس. والقضية يا فضيلة القاضي أن مئات المواطنين ذهبوا لمستشفيات حكومية في حالات خطيرة، ومنها القلب لمجرد الكشف، أو إعطائهم العلاج الأولي، ولكن المستشفيات كشرت عن أنيابها، ولبست ثوب الحداد، وتحوّل الأطباء الذين هم أحنى الناس على الناس إلى وحوش، لا يهمهم الصراخ، ولا العويل، ولا الدموع، ولا الآلام، ولا الأجساد المرمية. نعم.. يا فضيلة القاضي. يقول المواطن لهم: وجعان، تعبان، غلبان! يقولون: ما في سرير!، يقول: يا جماعة أنتم رابع مستشفى حكومي، وردكم واحد، كأنهم علّموكم هذه السيمفونية، وهي طارفة على لسانكم. يرضيك يا فضيلة القاضي؟ بالله عليك يرضيك؟ وإذا طلبت شاهدًا، سآتيك بأقرب جار. الأسبوع الماضي دخل ثلاثة مستشفيات حكومية، وما في أحد أعطاه وجهًا، وآخرها دخل بالواسطة، وبقي ساعات واقفًا ورقمه خمسة، وقبله أربعة أنفار ينتظرون (سرير فاضي)، هذا يا مولانا وهو عنده واسطة، فكيف إذًا....؟!! يا فضيلة القاضي: هل سمعت بالمثل (اللي) يقول: يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته؟، هل أحكي لك عن الشاب السعودي الأسبوع الماضي (اللي) انحرق جسمه، وطاف أبوه عدَّة مستشفيات و(لا أحد) عالجه، أيرضيك يا فضيلة القاضي؟! أو هل تريد أن أفتح لك ملف (هديل الحضيف)، ولاّ بلاش زعل؟!! يا فضيلة القاضي: بالنيابة عن كل المواطنين (اللي) مات منهم -الله يرحمه- و(اللي) ينتظر أجله، وين وزارة الصحة؟ وين تصريحاتهم الحلوة؟ وينهم يا فضيلة القاضي؟ صدقني سأتكلم إلى أن أموت.. ولا مؤاخذة يا فضيلة القاضي، حتى إنت إذا ما تكلّمت وقلت الحق، فبالنيابة عن كل المواطنين: يا أنا يا إنت!، وصحيح (إنو) عندك حصانة، بس أنا معاي الغلابة، ورزقي ورزقهم على الله!! القاضي: رفعت الجلسة، وخذ الموعد القادم لمناقشة دعواك بعد سنة، مع إحضار المتّهم، وإثبات دعواك بشهادة الناس (اللي) ماتوا عند أبواب المستشفيات!!!