جرى اتفاق جنتلمان بين متعاقد، وموظف يعملان في صحيفة واحدة يكتب بموجبه الأول للثاني مقالا" خفيفا" كل أسبوع، ويحصل على خمسين ريالا مع وجبة عشاء متوسطة على البحر يتم فيها استلام ال50 ريالاً، ويقوم المتعاقد بتسليم مقال الاسبوع القادم..؟ مضت على هذه العملية ستة شهور لم يشعر فيها الموظف بوجوده الصحفي بين من يكتب في الصحيفة فقرر أن يفض " الشراكة" مع المتعاقد على أمل أن يجد متعاقداً آخر يتولى هذه المهمة يحقق طموحاته في الشهرة ولو بزيادة المكافآت ، او بمضاعفتها لو اقتضت الضرورة، وبالفعل وجد مقاولاً ثانياً " على أهبة الاستعداد" للقيام بالمهمة مقابل "مائة ريال" عن المقال الواحد " ويقال في هذا الشأن إن المقاول الثاني اختلف مع موظف آخر لنفس الأسباب التي اختلف فيها الموظف الأول مع المقاول الأول". وعلى البحر جرت الصفقة الثانية في "هدوء، ويسر" فقام المقاول الثاني بتسليم الموظف - الطامح في الشهرة، والانتشار - المقال الأول ، وباليد الأخرى تسلم المائة ريال، وبينما كان الموظف يقرأ المقال كان المتعاقد يشيد بفكرته الجديدة، وبما سيحدثه عند النشر، وكيف سيكون هذا المقال "انطلاقة" للموظف الطامع في الشهرة، والانتشار، والبزوغ. في الأسبوع الثاني من النشر ذهبا للبحر، وقبل أن يمد المتعاقد يده بالمقال الجديد، ويأخذ باليد الأخرى ثمنه سأل المتعاقد صديقه: - كيف كانت اصداء نشر المقال بين الزملاء والاصدقاء ، والاصحاب. - لم أسمع شيئا غير تعليق غريب صدر من أحد المشرفين الأدبيين داخل الجريدة قال فيه " المقال الجديد زاد ستة سطور" فماذا يعني ذلك. - يعني أنك تطورت في الكتابة وأنك تقترب شيئا فشيئا من عالم الشهرة، والانتشار. - الذي نقل هذا التعليق قال إن الزملاء "تجمهروا" حول المقال، وقاسوه بالمسطرة، وقارنوه بمكاسب الجريدة لو استغلت هذه المساحة لإعلان يعود بالفائدة عليها. - هذا حقد منهم لا عليك فقد نبشت في أرشيف مقالاتي حتى عثرت لك على أفضلها، وغيرت بعض الجمل فقط ليناسب كاتبه "المستنسخ" الذي هو أنت. - بعتني إذن بضاعة، قديمة بينما أعطيتك أنا نقودا جديدة، هذا غش مع سبق الإصرار والترصد. - المقال الأول باعك من نفس البضاعة، وهو وأنا نزعنا من مقالاتنا تاريخ الصلاحية القديم، ووضعنا تاريخ صلاحية جديد اضافة الى تغيير المصدر. - كيف يمكن أن اكتب بنفسي دون الاعتماد على احد كما في الكتابة. - هذا غير ممكن .. من قدراتك الواضحة لنا أنك في واد، وموهبة الكتابة في واد آخر، وكل مايمكنك فعله هو أن تشتري منا، وسيتحسن وضعك الكتابي كلما زدت في المكافأة ، وزدت في نوعية العشاء الأسبوعية. - أنا فعلا سأزيد المكافأة. وسأزيد العشاء " ونادى الجرسون، وطلب منه طبق شوربة ساخنا، ودلقه على صدر المقاول الثاني، وركب سيارته ، وترك المقاول يعود لسكنه بسيارة ليموزين. فيما بعد أجرى خصوم " الكتاب الطموح" احصائية عن عدد "المقالات" الصغيرة التي كتبها وسط الإعلانات فوجدوها لاتزيد عن أربعة، وبما أن رأس الموظف كبيرة، وفارغه فإن مسألة بقاء اسمه منشورا في صحيفة - مهما تدني مستواها - يعتبر تعديا صارخا على حقوق الإنسان في العالم أجمع ..! لكن - الأقدار- رمت بصاحب الرأس الكبيرة، وغابت "مقالاته" أمّا المقاول فقد واصل العطاء مع رأس أخرى أقل ضخامة، وأشد ولعاً بالشهرة..!