منذ عشرات السنوات يتجه الخليجيون خاصة للدول الأوروبية بحثاً عن العلاج الطبيعي في المصحات العلاجية، وبحثاً عن التجميل واللياقة في المنتجعات التي تختلف في أسعارها تبعاً للدولة المنشأة فيها، وطبعاً الخليجي لا يمانع من الدفع مهما كانت التكلفة مادام المقابل الوصول لنتيجة مرضية في صحته ولياقته، وهذا مما أدى لانتشار مكاتب خاصة بالعلاج الطبيعي والنقاهة تنافس المكاتب السياحية لدينا في السعودية تستقبل طوال العام ضحايا الحوادث المرورية الذين لم يفلح علاجهم الطبيعي داخل مراكزنا الطبية الخاصة الربحية، أو داخل مستشفياتنا الكبرى التي تعطيك مواعيد للمراجعة قد تعيد حالتك للصفر! أو تستقبل تلك المكاتب ضحايا الأخطاء الطبية للعمليات الحساسة في العظام وتحتاج لبرنامج علاجي مكثف وبالرغم من الصعوبة التي قد تقابل المريض المسافر لأوروبا وخاصة كبير السن حتى الوصول لتلك المصحات وما يحتاجه بقاؤه من ترتيبات دقيقة وطويلة تساعد على تطبيق برنامجه العلاجي بنجاح إلا أن الاقبال على السفر لتلك المصحات مازال مستمراً في ظل غياب رجال أعمالنا عن الواقع الذي نعيشه حالياً وما يحتاجه من تطوير في الخدمات المقدمة للمواطن الذي بدأ يبحث عما يريحه نفسياً وصحياً، فالمشكلة لدينا أن أغلب رجال أعمالنا يركزون مشاريعهم التجارية في إنشاء المطاعم والفوز بوكالات المطاعم العالمية التي لا يصل مذاق وجباتها لمذاقها العالمي المميز في دولها، أو في إنشاء المراكز التجارية ذات المساحات الشاسعة والماركات المكررة، وقد تجد أكثر من مركز في طريق واحد في مدينة واحدة، مما سبب انتشار العادات السيئة لدينا من تسوق مبالغ فيه، وتناول الوجبات السريعة طوال اليوم، وتدهور في الصحة العامة على مستوى الجيلين الشباب والشّياب! كما أن رجال الأعمال لدينا لم يستغلوا طبيعة المنطقة الجنوبية لدينا لإنشاء المصحات العلاجية والتجميلية بحيث تكون على مستوى يساعد على استقطاب سكان المناطق الأخرى وخاصة الوسطى والشرقية والغربية والذين يعانون من تصحر طوال العام ويبحثون عن الاسترخاء والترميم لأجسادهم المرهقة، بخلاف الحالات المرضية الأخرى نتيجة لحوادث الطرق التي أصبحت تشكل قلقاً وطنياً لابد من معالجته. فالمنطقة الجنوبية بحاجة لمشاريع وطنية تتجاوز احتياجات السياح لها خلال فترة الصيف فقط، وإن كنت أشك في تحسن مستوى تلك الخدمات لما عشته من معاناة منذ ثلاث سنوات مضت عندما زرت أبها كسائحة وآلمني القصور الشديد في الخدمات في أهم وأجمل منطقة فيها \"منطقة السودة\" التي لو كانت بين يدي مستثمر أوروبي طوال السنوات الماضية لأصبحت مقصداً للسياح الأجانب أيضاً وليس الخليجيين فقط.